المدارس الإصلاحية أو على المستوى الشعبي، لأن رسالتها كانت هي خدمة الدين والأخلاق وربط الجيل الجديد بماضيه.
وقد ذكر لنا محمد قنانش أن السيد جلول أحمد الذي كان مناضلا في حزب الشعب، وكان من مدينة قالمة، قد كتب مسرحية شعرية بعنوان (هارون الرشيد)، وأنه نشرها في تونس، وكانت هي باكورة أعماله، كما قال، وذلك قبل ١٩٣٦. ونفهم من هذا أنها كانت بالعربية الفصحى، لأن قنانش يقول إن للشاعر مسرحية شعرية أخرى بالفرنسية سماها (الكاهنة)، نشرها سنة ١٩٥٤ - بفرنسا؟ -. وترك جلول أحمد أيضا (ملحمة شعرية) حول اعتقاله سنة ١٩٣٨، وهي، كما فهمنا، قصيدة وليست مسرحية. وقد نشر قنانشں جزءا منها في كتابه عن حزب الشعب (١).
أما الأناشيد المدرسية فهي عادة توضع للتربية الأخلاقية والدينية والوطنية. واشتهرت بها مدارس جمعية العلماء بين الحربين كجزء من حملتها في توعية الشعب لافتكاك استقلاله وهويته. وكانت الأناشيد تنشد بأصوات جماعية وألحان، وأحيانا تنشد بالموسيقى أثناء مسيرة. ونذكر أن هذا النوع من الأناشيد قديم، فنحن نجده عند تلاميذ ابن الموهوب في قسنطينة قيل الحرب العالمية الأولى. ولكن دور جمعية العلماء فيه هو التعميم والتسييس. وقد اشتهر عدد من الشعراء بوضع الأناشيد المدرسية، وعلى رأسهم محمد العيد الذي مارس التعليم وإدارة المدارس مدة طويلة، وكان مفعما بفكرة الوطنية والإصلاح، وفي ديوان أمثلة على ذلك.
وكان الشيخ محمد العابد الجلالي غير معروف كشاعر، ولكنه معروف بحماسه الوطني وغيرته الدينية. وهو من تلاميذ ابن باديس ومن شيوخ مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة بعد أن كان مدرسا في الكتانية. فكان حماسه وغيرته وراء وضع أناشيد مدرسية يتغنى بها التلاميذ جماعيا وقد طبع ذلك في
(١) محمد قنانش (المسيرة الوطنية وأحداث ٨ مايو ١٩٤٥)، الجزائر ١٩٩١، ص ٤٥. وكان لجلول أحمد أشعار أخرى منها شعر في رثاء أخيه.