للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملوك من هذه الدولة. وشهد خلال ذلك، إلى جانب ضعف البناء الداخلي للدولة وعلاقتها بالسكان، هجمات الحفصيين المتكررة ضد الزيانيين تلك الهجمات التي وصلت إلى عاصمتهم، تلمسان. ومن هذا الكتاب يمكننا الحكم على ضعف بني مرين أيضا لأن المازوني قد أكثر من النقل عن علماء وسط وشرق الجزائر وتونس (مدينة الجزائر، والقيروان، تونس) بدل النقل عن علماء فاس عاصمة المرينيين. كما قد يدل على ذلك اتجاه الدراسة والبحث نحو المشرق، حسبما لاحظ أحد الباحثين. وقد كانت القضايا التي تحدث عنها المازوني معبرة عن روح العصر. فالنوازل تدور حول مشاكل سياسية واجتماعية خطيرة كان مجتمع القرن التاسع يعاني منها. ومن ذلك اللصوصية والظلم والغصب والضرار وتهريب السلاح والمصادمات الجماعية والأوبئة والمجاعات ونحوها، وهي الدوافع التي أرغمت الناس على مغادرة منازلهم وأوطانهم. فالحروب والغارات لم تسمح للفلاحين بالقيام بزراعة الأرض وتوفير الإنتاج، وانعدام الأمن وتراخي قبضة السلطان جعلت الناس يفتقدون العدل في الحكم ويعتمدون على أنفسهم في نيل حقوقهم. وهكذا أصبح العلماء والقضاة، حسب نوازل المازوني، هم الذين يقومون بالسهر على تنفيذ القانون (١) وأنى لهم ذلك في مجتمع يسوده الفساد والاضطراب!

ومن دراستنا لرسالة عبد الرحمن الثعالبي في الجهاد نعرف مدى تدهور الأوضاع السياسية في وسط البلاد أيضا. ومنها أيضا نعرف مدى ضعف القادة السياسيين وأهمية دور العلماء والمرابطين في قيادة العامة في الحروب ورد غارات الأجانب، ذلك أن الرسالة الموجهة إلى أحد علماء زواوة أشارت إلى كل ذلك، وخصوصا ما يتعلق ببجاية وسهل متيجة وما حوله. ومن الملاحظ أن الثعالبي لم يشر في رسالته إلى أمير أو سلطان. وكان يهيب بالعلماء أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الله والناس لصد غارات الأجانب أو (بني الأصفر) كما كان يسميهم (٢).


(١) جاك بيرك (أنال) سبتمبر - أكتوبر ١٩٧٠، ١٣٢٩. وقد توفي المازوني سنة ٨٨٣.
(٢) انظر دراستي عن هذه الرسالة في كتابي (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر) ج ١ =

<<  <  ج: ص:  >  >>