وكونه ابن زاوية وحضريا وتساءل: هل رأيتم أبدا سلطانا خرج من زاوية؟ وهل رأيتم أبدا حضريا أصبح قائدا للعرب؟. وقد كان الشاعر بونقاب يعتقد أن المسألة اجتماعية. وكان خصمه السياسي في القيادة هو الحبيب بوعالم.
وقد أرادت الدوائر والزمالة ذات يوم أن تجعل من الشاعر قدور بونقاب لسان حالها كما كان ابن السويكت شاعر الامحال في الماضي. وكان الاعتقاد القبلي لا ينظر إلى الفرنسيين على أنهم هم الأعداء للجميع، وإنما ينظر إلى النزاع نظرة اجتماعية وسلطة دنيوية. فكأن القبائل عندئذ كانت في عهد الجاهلية، فكانت كل قبيلة تبحث عن شاعر ينافح عنها وتتغنى به. وهكذا دعت قبيلة الدوائر الشاعر قدور البرجي إلى مأدبة وحاولوا ضمه إليهم. وبعد تناول الطعام قالوا له إنهم جميعا أقسموا على أن تكون أنت بمثابة ابن السويكت لنا، فتنظم الشعر باسمنا. فاعتذر إليهم في البداية. وفسر كور ذلك الاعتذار بأنه قد يكون راجعا إلى كون الدوائر قد تحالفوا مع الفرنسيين (النصارى) أو لأن الشاعر كان خائفا من عقاب الأمير. ولذلك سجنه الأمير فترة لموقفه المعادي له، ثم تدخل أصدقاء الشاعر لصالحه فأطلق الأمير سراحه، ولكنه أبقى عائلته تحت المراقبة. ثم تدخل الشاعر نفسه وأصدقاؤه من جديد لكي يسرح الأمير العائلة فأبى. وأثناء ذلك نظم قدور البرجي قصيدته المشهورة:
عييت صابر ونراعي فيك الانتصال ... يا قريب الضحكة وبعيد في رضاك
ما سمعت ولا شفت القصى كقصاك
وفي هذه القصيدة كرر للأمير طلب العفو عنه وإطلاق سراح أهله. وقد انتشر شعر قدور في عهد الأمير، وكان يخشى على نفسه فهرب واختفى. وقد قيل إنه استسلم للأمير، رغم أن كور ينفي ذلك، ربما عن رواية كبار الناحية. وظل الشاعر على حاله إلى أن أدركه التعب والكبر والموت. ولكن شعره ظل محفوظا في نواحي وهران، كما يقول كور. أما الشاعر الرسمى للأمير فهو الطاهر بن حوا. وقد كان الأمير شاعرا