للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفارسا، وكان يقدر الشعر ويعرف قيمته الدينية والإعلامية (الدعوة). وكان الأمير يعرف ما كان للشعر من دور في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والصحابة، ويذكر قصيدة (بانت سعاد) ودور حسان بن ثابت في الدفاع عن الإسلام ورسوله. ولذلك قرب الأمير منه الطاهر بن حوا وأغراه بخدمة جهاده كما خدم حسان وعبد الله بن رواحة الدعوة الإسلامية. وقد تصدى ابن حوا لخصوم الأمير، ولم يكن شاعر قبيلة وإنما كان شاعر جهاد وأمير وفكرة. ومن شعره الذي مدح فيه الأمير ودعا له بالنصر على أعدائه، قوله:

يا من درى شي من يوم سلطاني مبارك ... ممزوج بالمسرات والرضا مبروك

بلى تجد واللي تريد يجمع شملك ... ويدير ليك مولاك في المضيق سلوك (١)

وحوالي مدار هذا القرن جمع الإسكندر جولي مجموعة من الشعر الشعبي وسماها (ملاحظات على الشعر العصري عند البدو الجزائريين). وكان جولي قد رافق بعثة (فلامان) نحو الجنوب سنة ٩ ١٨٩. فجمع أشعارا عديدة أثناء رحلته إلى عين صالح. وقد حضر بعض السهرات، ونقل من أفواه الكبار. ثم رتب ذلك الشعر وصنفه. وفي نظره أن شعر الجنوب البدوي يختلف عن الشعر الحضري في الشمال من عدة وجوه.

وقام الإسكندر جولي بدراسة فنية ونوعية أيضا للشعر الشعبي في الجنوب. وذكر منه هذه الأنواع: الزغوية، والنم (بكسر النون)، والمدح، والقول (بضم القاف المعقودة)، والهجوة، والقطاعة (بشد الطاء) وهي أغنية الطريق أو الحداء، والعيدي وهو شعر الحرب والأعراش، والغناء وهو الشعر المرفوق بصوت آلة الطرب. وقال جولي إن هذا النوع الأخير نادر عند البدو ولكنه شائع عند أهل الحضر. وعرف (القول) بأنه شعر قصير ينشد بتنغيم موقع وهو ليس غناء حقيقيا. أما الهجوة فهي الهجاء المعروف في الشعر الثري.


(١) كور (الشعر السياسي الشعبي في زمن الأمير عبد القادر) في (المجلة الإفريقية)، ١٩١٨، ص ٤٥٨ - ٤٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>