للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزوني يا ملاح ... في زينة البنات (١)

٥ - مجموعة الأشعار التارقية: وكان قد جمعها وترجمها الراهب شارل دي فوكو. وكان هذا قد أقام طويلا في الصحراء باحثا ومتجسسا ودارسا للأدب واللغة في الهقار، وبين توارق الشمال. وكان قد خدم في الجيش الفرنسي طويلا وتجول في المشرق العربي والإسلامي، ودخل جمعيات سرية عديدة. ومن أصدقائه المعروفين المارشال ليوتي، الذي احتل المغرب، وكان دي فوكو رفيقا له هناك أيضا. ثم استقر حوالي عشر سنوات في كهف بجبل الهقار حيث كان يترهب ويرصد حركة المرور ويجمع المعلومات للإدارة الفرنسية، إلى أن اغتيل سنة ١٩١٦ على يد ثوار الناحية. ويتهم الفرنسيون أنصار الطريقة السنوسية بتدبير اغتياله.

جمع دي فوكو إذن الأشعار التارقية من الأفواه لأن التوارق لا يكتبون أشعارهم وإنما يحفظونها حفظا شأن قدماء العرب. وكانوا يرتجلون الشعر في الأسفار والأسمار شأن العرب أيضا. فهم شعراء بالطبيعة. ولهم شعر غزير في الحب والمغامرات والفروسية. والرجال حسب قول الدارسين أشعر من النساء عندهم. وشعرهم يغني وينشد في المناسبات وفي الطريق وفي الخلوات. وبعد اغتيال دي فوكو عثر الفرنسيون على المخطوط الذي كان يسجل فيه الأشعار التارقية، وقيل إنهم وجدوه بعد يومين من الحادث، ولم يصبه التلف. ورأوا أن أفضل من يعهدون إليه بالإشراف على المخطوط هو المستشرق رينيه باصيه، الذي سبق له دراسة لغة التمشق وخطوطها ولهجات التوارق. فكلف باصيه ابنه هنري بمتابعة العمل، لكن هذا توفي في المغرب سنة ١٩٢٥ (أي بعد والده رينيه بسنة واحدة)، فواصل العمل أخوه اندري باصيه، وساعدته الحكومة العامة بالجزائر على إنجاز العمل الذي تركه دي فوكو. وبناء على المقدمة التي كتبها أندري باصيه للمجموعة فإنها لا تمثل


(١) ومنذ ١٨٦٢ ذكر دانيال سالفادور أنه جمع ٤٠٠ أغنية في الحب والفخر والحرب، انظر ما كتبناه عن الموسيقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>