المتعلمين في زواوة. ولا تعنينا هنا سيرته الشخصية، إذ قيل إن التعسف الذي تعرض له أهل زواوة على يد الفرنسيين منذ ١٨٥٧ (والشاعر من مواليد ١٨٤٥)، والتشرد الذي تعرض له قد أديا إلى انحرافه. فقد كان عمره اثني عشرة سنة عندما وقعت معركة ايشريضن واحترقت المداشر والمزارع وقتل عشرات المسبلين واعتقلت فاطمة نسومر، وفي ثورة ١٨٧١ قتل والده، وهاجر أخوه إلى تونس. فعاش الشيخ محمد حياة المأساة الذاتية والشعبية. وتعرضت زواوة بعد ذلك للغزو الفرنسي الآخر، الغزو التنصيري على يد الآباء والأخوات البيض الذين أرسلهم الكاردينال لا فيجري. ثم الغزو اللغوي إذ بدأت منذ الثمانينات تظهر المدارس الفرنسية في المنطقة. ولكن الشيخ محمد كان من جيل آخر، فوجد نفسه في آخر القرن وقد فاته الركب وأصبح شيخا من الآخرين، وقد توفي سنة ١٩٠٦. وشمل شعره مختلف الموضوعات، ومنها الحب والخيانة (١).
٧ - ديوان مصطفى بن إبراهيم: وهو شاعر بني عامر، الذي عاش بين ١٨٠٠ - ١٨٦٧. وقد نسجت من حوله قصص كثيرة، نظرا للظرف الخاص الذي عاشه والوظائف التي تولاها، فهو لم يكن مجرد شاعر يتغنى بما يحلو له، ولكنه كان شاعرا مشاركا في الحياة العسكرية والسياسية والإدارية للبلاد. وقد وجده الاحتلال الفرنسي في ريعان شبابه، وكان قومه بنو عامر ممن ناصروا الأمير عبد القادر إلى آخر رمق. وكان الشاعر نفسه ممن حارب في صفوف الأمير، ولكنه لم يلبث أن خرج من الصف وقبل بوظيفة قايد على أولاد سليمان بإسم الفرنسيين. وبهذه الصفة كان عليه أن يصبح نصير عدوه السابق، ولو مكرها. فقد اعتقل الثائر بوسيف (محمد بن عبو) وسلمه إلى
(١) عبد القادر جغلول (عناصر ثقافية)؟، ١٩، ص ١٤٣ - ١٤٧. وذكر عمار إيزلي في جريدة (الوجه الآخر) سبتمبر ١٩٩٤، الحلقة السادسة أن الشيخ محمد بن محمد (محند) كتب أشعاره على إثر ثورة الشيخ الحداد، واعتبر الثورة مستمرة منذ ١٨٥٧. وهو صاحب المقولة (نكسر ولا نعصر). وكان متأثرا بالصوفية الذين أشاعوا أن العالم سينتهي مع القرن الرابع الهجري ..