للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد مختار، وهو أيضا فارس فخور بقومه الذين طالما دوخوا العدو في معارك مشهودة أيام الأمير عبد القادر، ثم أيام أولاد سيدي الشيخ، بنواحي قصر البخاري وجنوب المدية. ولكننا لا نعرف الآن الكثير عن الشاعر بوديسة، لأن شعره لم يجمع، حسب علمنا، من أفواه الحفاظ ولم ينشر (١).

وفي الوقت الذي فشلت فيه الثورات ظهر صعاليك الأنفة والشرف من شعراء ومغامرين لكي يرفعوا التحدي ويأخذوا بالثأر في أشكال مختلفة. ونكاد نعد ناصر بن شهرة واحدا منهم، وكذلك بوشوشة. وكلاهما ملأ الصحراء دويا قرابة ثلاثة عقود. الأول منذ الخمسينات، والثاني منذ الستينات. ثم ظهرت بعدهما جماعة (المدقانات) التي برز فيها صعاليك من سوف والشعانبة والتوارق وأولاد سيدي الشيخ وغيرهم. وتصادف ظهورهم مع ثورة بوعمامة ومحاولات الفرنسيين التوغل في الصحراء عن طريق ما أسموه بالبعثات العلمية والاستكشافية. وهي بعثات كانت في الحقيقة للتجسس على الأهالي وجمع المعلومات قام بها ضباط وعلماء ورهبان.

وقد درس الضابط ألفريد لوشاتلييه نشاط المدقانات لأنه كان عارفا بهم إذ كان مسؤول المكتب العربي في ورقلة في وقت نشاطهم. ثم درسهم لويس رين، وهو أيضا من الضباط المستعربين والعارفين بالحياة الجزائرية، كما أشرنا. وقد قال رين إن الشعانبة المتمردين الذين كانوا مخلصين لبوشوشة، شكلوا فرقا (عصابات) من النهابة - حسب وصفه - وأطلقوا عليها اسم المدقانات، وحصلوا بذلك على غنائم خيالية. وظلوا خلال عشر سنوات (١٨٧٤ نهاية زعامة بوشوشة إلى ١٨٨٣) يقطعون الطرق ويجوبون الصحراء من وادي درعة غربا إلى فزان شرقا. ويدعى رين أنه قد قضي على هذه الفرق نتيجة الحملة التي قادها ضدهم الضابط (ايقنيدي). ويقول رين نفسه إن المدقانات تعتبر ذيللا لحركة بوشوشة (٢). ولا شك أن الصحراء والمغامرات


(١) انظر مقالة قندوز (الصحراء لها شاعرها) ... مرجع سابق، ص ٦٥ - ٧٨. وكذلك كتابنا الحركة الوطنية ج ١.
(٢) لويس رين (تاريخ انتفاضة ١٨٧١)، آخر الكتاب. وأيضا لوشاتلييه (المجلة الإفريقية) =

<<  <  ج: ص:  >  >>