للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشعر قد التقت في هذه الفرق، وتولد على ذلك شعر الحماسة والفخر باللهجات الشعبية، ومنه أنشودة (أنا التارقي ولد التارقية). ولعل بعضهم قد جمع من الأفواه بعض هذا الشعر.

وقد ظهر أيضا الشاعر الشعبي بوزيان القلعي في نواحي معسكر خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وكان بوزيان من بقايا المقاومة التي لم تخمد نارها منذ عهد الأمير ومنذ أحرق كلوزيل مدينة معسكر (سنة ١٨٣٥) وكانت جبال بني شقران تستقبل الثوار دائما، شعراء وغيرهم، كما كانت تفعل جبال الأوراس وجرجرة وعمور. وقيل إن بوزيان كان من الساخطين على تغيير البنية الاجتماعية التي جاء بها قانون ١٨٦٣ والذي قصد من ورائه انتزاع الأراضي من أهلها ومنحها للكولون. فكان بوزيان القلعي (قلعة هوارة - الراشدية) يهاجم المزارع التي أقامها الفرنسيون على أنقاض الأراضي المغتصبة من أصحابها. وثار بوزيان أيضا على الظلم والجبروت المتمثل في القايد. وكان هذا موظفا رمزا للسلطة الفرنسية. وعندما أهانه القائد لم يتحمل بوزيان الإهانة وعزم على الانتقام منه، ثم نفذ إرادته وأخذ سلاحه واختفى عن الأنظار، وكانت الحادثة مصدرا للشعر الشعبي والتغني ببطلها، رغم أن السلطة الفرنسية قد قبضت على بوزيان وحاكمته وأعدمته في معسكر خلال يوليو ١٨٧٦، أي بعد إعدام بوشوشة بسنة واحدة. فالبطل هنا ليس هو الشاعر، ولكنه الفارس الذي أصبح رمزا ومصدر إيحاء للشعر الشعبي (١).

وحوالي نفس الوقت (١٨٧٣) جرى في صحراء سوف - بسكرة اغتيال العربي المملوك، قائد سوف، على يد ثلاثة أفراد، على رأسهم (حميد) الذي أصبح أسطورة. وكان العربي المملوك متجبرا، على ما قيل، فأساء استخدام سلطته وأهان شرف البعض، فترصد له حميد وزميلاه وقتلاه وهو في طريقه


= ١٨٨٦ - ١٨٨٧. وقد نشر لوشاتلييه مقالاته عن المدقانات في كتاب.
(١) قدمت نادية بن دروش بحثا عن بوزيان القلعي، في العلوم السياسية، الجزائر ١٩٧٦، حسبما جاء في جغلول (عناصر ثقافية) مرجع سابق، ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>