للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بسكرة لقضاء بعض مآربه في قسنطينة. وانتشرت الحادثة بين الأهالي ووصلت إلى الجريد التونسي، وتناقل النسوة والشعراء خبرها، فاخذوا يؤلفون الأغاني فيها ويمجدون الفعلة لأنها في نظرهم تغسل العار وتطهر الشرف وتعطي درسا للفرنسيين وعملائهم. وقد سجلت المصادر الفرنسية أن حميد قد دخل التاريخ في الشعر الشعبي، ولكننا لا نملك نماذج من ذلك الآن. ولعل بعضهم في الجزائر أو تونس قد قام بتسجيل قصائد في هذا الصدد (١).

وبعد ثورة ١٨٧١ وطغيان الكولون والإدارة الفرنسية في زواوة والمناطق التي جرت فيها الثورة، ظهر أيضا صعاليك الشرف واستمروا يأخذون بالثأر ويحدثون الرعب في أوساط الكولون سنوات. واشتهر من بينهم أرزقي بن البشير الذي كان يتحرك هو وجماعته في منطقة تيزي وزو. ودام نشاطه ثلاث سنوات، حسب رواية الحاكم العام جول كامبون (سنة ١٨٩٢). وقد جند هذا الحاكم رئيسي دائرة تيزي وزو، ليفيبور، فتمكن من القبض على البعض وسجنهم. ولكننا لا ندري مصير أرزقي الآن. وقد كان الأهالي يرون في فعله انتقاما لشرفهم، فأدخلوه في الأغاني الشعبية ومجدوه، غير أن الشعر الذي مجدوه به غير متوفر لدينا (٢).

وقد سال حبر كثير عن قصة اغتيال الماركيز الفرنسي دي موريس، سنة ١٨٩٨. ولا تعنينا هنا القصة في حد ذاتها وما أثارته من ردود في الصحف الفرنسية وبين ضباط الجيش الفرنسي في الجزائر، وعلاقتها بمعاداة السامية، بل ولا تعنينا قصة الفتاة الروسية? الألمانية، إيزابيل ابيرهارد التي جاءت الجزائر في أعقاب ذلك الاغتيال لتبحث عن (الحقيقة). إنما يعنينا جانب آخر


(١) عن قصة العربي المملوك (وهو إيطالي دخل الخيالة الفرنسية، وقيل إنه اعتنق الإسلام، وقد عينه الفرنسيون قايدا على سوف لمدة قصيرة)، انظر الحركة الوطنية، ج ١.
(٢) جول كامبون (حكومة الجزائر) ١٩١٨، ص ٦٣، وكذلك موريس كولان (بعض المسائل الجزائرية)، ص ٢١ - ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>