الأرض ١٨٦٣، ١٨٧٣، ١٨٨٧، لجأوا إلى تغيير الحالة المدنية بجعل كل عائلة تختار لقبا يتوارثه أبناؤها كما يفعل الفرنسيون أنفسهم، وبذلك ينتهي الارتباط بالعائلة الكبيرة والقبيلة والعرش، وتكون الأسرة الصغيرة- الفردية منقطعة عن كل صلة بالماضي. وأعلن الفرنسيون الحرب على القضاء الإسلامي وأحلوا محله القانون الفرنسي، وعوضوا القضاة المسلمين بقضاة الصلح الفرنسيين، وهكذا.
والشاعر مجهول لدينا، وقد صور حالة البؤس التي عليها (العرب) وهو يقصد كل الشعب الجزائري، فيخاطب اللجنة بأن تعمل على نصرتهم. وكان متفائلا بها لأنها في نظره قد جاءت لإعلان الحق، واعتبر أن عهدا جديدا قد جاء وعهدا قديما قد ولى:
صحى القيام والحق نشرا علامه ... لما تحركوا جميع (السينا)
ربى قادهم للطريق استقاموا ... بعثوا رجال يختبروا في وطننا
ماتوا العرب انهلكوا كثرتهم هاموا ... الحال غاظهم وبكاوا علينا (١)
وفي ١٩١٦ ترجم محمد صوالح شعرا في الدين والحرب نظمه في فرنسا الجندي مصطفى ثابتي ولد قدور بن ثابت. وكان هذا الجندي قد عاش حياة متقلبة منذ ميلاده سنة ١٨٧٦ في دوار أولاد الجيلالي عرش المزيلة، بلدية كسينيو المختلطة عندئذ، بولاية وهران؛ وقد عزف صوالح بالشاعر الذي لقيه بالمستشفى في فرنسا جريحا. على إثر معارك المارن الشهيرة على الجبهة ضد ألمانيا. ومن إملائه على فراش النقاهة كتب صوالح عنه قصيدته الهامة. وكان مصطفى ثابتي قد تربى في إحدى الخيام العربية البدوية. وحفظ القرآن على طالب الدوار، باللوحة المعروفة، ولم يجد خدمة تناسبه فتطوع في الجيش الفرنسي (الأهلي) بنواحي مستغانم، وعمره ما يزال ستة عشر
(١) بلقاسم بن سديرة (كتاب الرسائل)، ص ٢٣٨. ولجنة مجلس الشيوخ تكونت سنة ١٨٩١. ولكنها لم تأت إلى الجزائر إلا سنة ١٨٩٢. والقصيدة حسب ابن سديرة مكتوبة سنة ١٨٩١.