العملة الرسمية وأصالة الجواهر والمذهبات التي ترد إلى الدولة في الهدايا والغنائم. وهذا الامتياز أعطى لليهود أيضا اليد العليا في صناعة الحلي. وكانت هداياهم الذهبية، سيما لنساء البايات والباشوات، وهي رشوة واضحة، قد سهلت عليهم مهمتهم في السيطرة على سوق العملة والذهب والفضة، وهي أساس صناعة الحلي. وقد ظلوا يستعملون نفس السلاح، حتى أنه عندما زارت امبراطورة فرنسا الجزائر سنة ١٨٦٠ قدم لها نساء اليهود هدية ثمينة من الحلي (١).
الحلي الجزائرية عليها رسومات تمثل الذوق المحلي والديني. فهي على العموم ذهبية أو فضية، كما ذكرنا، وترسم عليها الجواهر والورود والأغصان. وهناك عقود مذهبة ومحببة. وفي الزواوة يصنعون الحلي الفضية عادة وهي ذات ألوان زاهية وتتدلى منها أشكال مختلفة بسلاسل دقيقة ذات ألوان زرقاء وخضراء وصفراء وبنية وطينية (لون الطين).
هذه الصناعة التي كانت مزدهرة ومنسجمة مع الذوق الوطني والديني، أخذت في التدهور لعدة أسباب، منها أن اليهود ازدادت مكانتهم في عهد الاحتلال، سيما بعد تجنيسهم الجماعي سنة ١٨٧٠. وأدت الهجرة الجزائرية إلى إحداث فراغ في اليد الصانعة الماهرة، وكذلك سيطرة البضائع والمصنوعات الأوروبية المستوردة، واختلاف الأذواق، مع الافتقار الذي حل بالمجتمع الجزائري. ولكن صناعة الحلي مع ذلك لم تنقرض، فقد تطورت مع الزمن وأخذت أشكالا جديدة تنافس بها الذوق الأوروبي، ولا سيما في المدن، أما في الأرياف (وكان معظم الجزائريين أهل ريف في عهد الاحتلال) فقد استمرت صناعة الحلي، رغم تأثير اليهود، وظل الاستعمال على ما كان عليه تقريبا فى الحياة اليومية وفى المناسبات الاجتماعية.
(١) انظر محاضرة ماري بوجيجا عن الحلي الجزائرية في مجلة الجزائر SGAAN، ١٩٣١، ص ٢٠٣ - ٢٢٤. أيضا ميرانت (كراسات الاحتفال)، ص ٤٤. وماري بوجيجا أيضا (نحو نهضة ...) في المجلة المذكورة، ١٩٢٣، ص ٣٢٥.