للحياة، بالإضافة إلى أنه فن قليل التطور، ربما لعدم تأثره وعزلته (١).
وقد قيل الكثير عن علاقة فن الزرابي بالكائنات الحية ورسمها في النسيج. انه كفن إسلامي كان بعيدا عن تصوير الإنسان. أو الحيوان في الزرابي ونحوها. فكان الناسج يلجأ إلى تعويض ذلك بالنباتات والأشكال الهندسية والخطوط التي تمثل تجريدا بعيدا عن الإساءة إلى الدين وعقيدة التوحيد. وقد بحث الفرنسيون، حسب قول ميرانت، فوجدوا أن السبب يرجع إلى العامل الإسلامي. ولكنهم ادعوا أيضا أنه راجع إلى الخرافات وشيوع السحر والعقائد الوثنية. كما أن البدائية تؤدي إلى إبداع فن بسيط في موضوعه من جهة ومثير للخوف والغموض من جهة أخرى. والغريب أن الفرنسيين خلطوا بين الحركة الرومانتيكية عندهم وبين الموضوعات البسيطة والتعلق بالخرافي والخيالي والمجهول وحتى بالبدائية الأولى لدى الجزائريين. فجعلوا ذلك كمالا عندهم، وجعلوه نقصا عند الفنانين الجزائريين الذين أبدعوا فنونا من الزرابي والأنسجة الأخرى خالية من التصوير البشري والحيواني.
وكل نسيج تقريبا لا بد له من صبغة. وكانت الصباغة هي إحدى الصناعات المحلية النافقة قبل الاحتلال. وقد أورد روزي عدة تفاصيل عن صباغة أنواع النسيج سنة ١٨٣٣. فتثبيت الألوان واختيارها يرجع إلى أيادي ماهرة، وإلى حلقات من التحضير والبحث. فاللون الأصفر مثلا كان يستعمل له العفص، وكان موجودا بكثرة حول مدينة الجزائر، واللون الأحمر البنفسجي كان يستحضر من خشب شجر البقم Campeche، والأزرق كان يحضر من النيلة، والأسود من قشور الجوز المعروف بالغرناطي. وهكذا فإن مواد الصباغة قائمة من أساسها على النباتات. فالأحمر الغامق مثلا يستخرج من نبات الفوة الممزوج بالعفص، والأزرق من النيلة، كما ذكرنا، والأحمر الفاتح من قشور الجوز الغرناطي والأخضر من رغوة النيلة المغلية. وهناك عدة زخارف أخرى ملونة تأتى عن طريق مزج النيلة والعفص أو غيرهما.