للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألوان الآتية متغلبة، وهي الأحمر القاني، والأصفر والأحمر العادي، والأسود، مع بعض الألوان الأخرى الثانوية أحيانا لتضفي تجديدا وتهذيبا وراحة للنفس. ومرة أخرى يدعى النقاد الفرنسيون أنهم تدخلوا لاسترجاع فن الزرابي، وبدأ ذلك على يد السيدة لوس المشار إليها حين أسست ورشتها واستخدمت النساء الجزائريات، وبحثت عن الفن الأكثر أصالة - في نظرها - وأحيته، وتخرج على يديها فيه عدد من التلميذات اللاتي أصبحن ممتهنات في ورشات جديدة، وهكذا (١). كما راجت صناعة الزرابي بين السواح والتجار، واستفادت السوق الفرنسية من هذه العملية. وكان للآباء البيض دور في تشجيع ذلك أيضا.

ولكن هذا الادعاء فيه قفز على التاريخ وإجحاف بحق الجزائريين الذين استمروا، رغم الصعوبات، في صنع الزرابي حسب الذوق المحلي، كما ذكرنا. لقد كان هناك متخصصون يطلق عليهم اسم (الرقامة) (٢) - ومفردها رقام -. وكان الرقامة يتجولون على أهل الصنعة ومراكز الزرابي المعروفة، فيراقبون، ويشيرون بآرائهم لتحسين الصناعة والمحافظة على الأصالة والتقاليد. وهم يحذقون هذه الصنعة أبا عن جد، أو هي محفوظة عندهم في القلوب، كما يقولون. فهم لا يتلقونها في مدرسة ولا يطالعونها في كتاب، ولكنهم ورثوها عن بعضهم.

وتتألف عناصر النسيج الجزائري من جريدات النخيل التي هي فارسية الأصل، حسب ميرانت، ومن الوردة ذات الشكل البسيط. يضاف إلى ذلك الخطوط المركبة ذات الأشكال الهندسية المبتكرة، إذ تتخذ أشكال المربعات والمستطيلات، والشكل اللوزي، وكل هذه الأشكال تتداخل باعتبارها عناصر أساسية في الصنعة. ويبرز الفن البربري بوضوح في النسيج أيضا. وهو يظهر بحرية صارخة وبأسلوبية متميزة، ولكن تبدو عليه البساطة والنظرة الساذجة


(١) بوجيجا، مرجع سابق، ص ٣٩٣.
(٢) من الرقم والترقيم، وهو هنا يعني الزخرفة والتزيين والتوشيات ونحوها، ومن ذلك تسمية ابن الخطيب أحد كتبه (رقم الحلل).

<<  <  ج: ص:  >  >>