صناعة كاملة وأسواق رائجة في مختلف أنحاء البلاد، وفي المدن الرئيسية كانت سوق خاصة بأسماء الأقمشة والحرير والأصواف ونحوها، مثل سوق الحرارين، وفلان الحرار، وسوق الصوف (رحبة في قسنطينة)، وسوق الشواشي. وكانت الجزائر تصدر إلى المشرق الأحزمة الحريرية. واشتهرت، من الناحية الفنية بصناعة الزرابي، والحياك والفوطات التي تستعمل للحمام، والمناديل والأحزمة والملابس كالبرانس والقنادر (ج. قندورة) والصدريات والسراويل. فهي صناعة وطنية كاملة تمثل الذوق المحلي، لا سيما في الزرابي إذ تظهر كل جهة أو منطقة تفننها الخاص، مما كان يؤدي إلى التنافس وتعدد الاختيار أمام الزبائن.
وقد أخذ فن الزرابي بألباب الأوروبيين منذ الاحتلال. لاحظوه أولا في المساجد، كما ذكر روزي، إذ هدموا جامع السيدة، وهو أجمل مسجد بالعاصمة، سنة ١٨٣٠، واغتصبوا زرابيه وثرياته. كما لاحظوا ذلك على جامع كتشاوة الذي حولوه إلى كنيسة، وكذلك حولوا غيره في مختلف المدن، سيما العاصمة وقسنطينة ووهران وبجاية. وكان أول احتلالهم للقصبة قد جعلهم على خطوات من جامع القصبة وجامع باب الجديد اللذين يفترشان زرابي فاخرة. ويقول روزي إنه قد زار في مدينة الجزائر - وقد هجرها الأغنياء والصناع - عددا من مصانع الزرابي، وذكر تفاصيل هامة عن صباغة النسيج عندئذ والألوان المستعملة فيها.
ويقال إن الزرابي التي بقيت شائعة إلى حوالي ١٨٦٠ كانت لا تخرج عن ستة أنواع: الفراشيات، والزرابي الصوفية، والحنبل، والقطيفة، والمطارح، والزرابي الملساء - بدون خملة. والأماكن التي اشتهرت بالزرابي هي: مدينة الجزائر، وآفلو، والسور، وبسكرة، وباتنة، وبوسعادة، ووادي سوف، وشلالة، والقلعة، وسطيف، وسعيدة، وتيهرت، وتلمسان، وكذلك اشتهرت بالزرابي المسيلة، وفرندة وجبل عمور، وجبال بوطالب، وقصر البخاري. وتتميز أنواع الزرابي عن بعضها باستعمال الألوان والأشكال واستخدام الذوق المحلي لكل منطقة، مع الإبداع الفردي. وهكذا نجد