للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الفخار من أنشط الصناعات المحلية. وقد ذكر مارسيه أن مصنعا للفخار والخزف كان قرب العاصمة في عهد الاحتلال. وأقر روزي أنه كان بباب الواد (العاصمة) سنة ١٨٣٠ عدة مصانع للفخاريات. وقد قضى الاحتلال بالهدم وتنفير الصناع من البقاء فاضمحلت هذه الصناعة بالتدرج. بينما يعترف ميرانت، وهو الذي يستنقص تقريبا كل ما ينسب إلى الجزائريين من أعمال جيدة، بأن الفخار الجزائري كان ذا شهرة واسعة قبل الاحتلال. وقد أشار إلى أن الدكتور شو (القرن ١٨) قد أكد على وجود مصانع للفخار والخزف في شرشال وأن الجزائريين كانوا يستعملونه بكثرة. وكذلك يعترف ميرانت أن هذه الصناعة الرائجة والمستعملة بكثرة قد أصابها الكساد بعد الاحتلال نتيجة ظهور الخزف الأوروبي. ولم يسع الجزائريون إلا محاولة تقليد هذا النوع الطارئ عليهم. فلم يبلغوا فيه مبلغ الاتقان، وظل إنتاجهم من النوع العادي. وربما بقي النوع الزواوي محافظا على أصالته بعض الوقت لعزلته عن المدن، غير أن ميرانت يقول أيضا كعادته، إن هذا النوع لم يبلغ درجة عالية من الرقي الفني (١). ويجد المرء في أخبار الأمير، ما كان يفعله لتزيين سروجه وأعلامه وتسويم الجند وغير ذلك مما يحتاج إلى الزخرفة (٢).

والخلاصة أن الصناعات التقليدية المذكورة كانت كلها ذات شأن في الجزائر، لها خبراؤها وأمناؤها وطبقتها الاجتماعية. وبعضها كان رائجا في الداخل والخارج، ولكن الاحتلال أوقف مصانعها وشتت أهلها وأفقر من بقي منهم. ونتيجة الاحتلال أيضا حلت الصناعات الأوروبية محل الجزائرية فأدت إلى منافستها في الجودة وفي الأثمان. وبعد هذا التدهور الذي طال أمده، ماذا فعل الفرنسيون؟.

...


(١) ميرانت، مرجع سابق، ص ٤٢ - ٤٣.
(٢) انظر (تحفة الزائر) ١/ ١٢٠ وما بعدها، وص ٢٠١ عن علم الأمير (الراية). وكذلك جورنال دي مينوار سنة ١٨٤١ في (المجلة الإفريقية)، عدد ٤٤١، سنة ١٩٥٥ ص ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>