للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه هي عبارة ابن عمار النثرية في وصف فيلا عبد اللطيف: (فاحتللنا قصرا، وما أدراك من قصر، تقابل الواصف أوصافه بالحبس والقصر، وتعبث محاسنه بالزهراء والزاهرة، وتشرف شرفاته على النجوم الزاهرة، وتزهو بدائعه على الزاهي والدمشق، وتلهو مقصوراته بقصور العراق ودمشق، ما شئت من انفساح عرصات، وارتفاع آرائك ومنصات، ودسوت كأنها البدور بهالاتها محفوفة، وزرابي مبثوثة ونمارق مصفوفة، وفرش مرفوعة، وأكواب موضوعة، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، قطعنا به ليلتنا حتى الصباح ...) (١).

كان الفنانون الفرنسيون يأتون إلى الجزائر بطريقة حرة منذ الاحتلال، كما لاحظنا، وكان بعضهم يأتي أيضا في مهمات حكومية، وتلك هي المرحلة الأولى من التأثر والتأثير على الفن الفرنسي - الاستشراقي (انظر لاحقا). وأما المرحلة الثانية فهي التي تمثلها مدرسة (فيلا) عبد اللطيف في أول هذا القرن. بدأت الفكرة عندما أصبح شارل جونار حاكما عاما للجزائر حوالي ١٩٠٣. وكان قد جاء ليطبق نظريته السياسية التي طالما نادى بها عندما كان في البرلمان واللجان الرسمية، وهي أنه يجب أن تظل الجزائر فرنسية ولكن تحافظ على شخصيتها التقليدية. وقد طبق جونار نظريته هذه بعد أن أصبح حاكما، في مختلف المجالات، ومنها مجال الفنون. ففي ١٩٠٦ كتب الناقد الفني، أرسن الإسكندر، مقالة في جريدة (الأخبار) حول (الفنون والصناعات الفنية في الجزائر) وصف فيها موقع فيلا عبد اللطيف في حديقة التجارب (الحامة اليوم). وقال إنها قصر فخم ولكنه آيل إلى السقوط. ورغم حالته فهو تحفة رائعة، ولو جعل القصر مقرا للفنانين لأسهم في دفع الحياة الفنية، سيما ما يقدمه لهم من تنوعات الطبيعة كالشمس والمناظر الخلابة، وروعة البحر القريب منه، ثم إن إمكانات القصر نفسه كبيرة،


(١) من وثيقة بخط الشيخ المهدي البوعبدلي ترجع إلى سنة ١٩٧٣. انظر (أشعار جزائرية)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>