جان ميرانت مدير الشؤون الجزائرية (الأهلية)، ولكن أوغسطين بيرك هو الذي نظمه، وكان عندئذ في منصب الملحق الإداري بالحكومة العامة. وقد كتب بيرك كتابا كاملا تعليقا على المعرض، ولعله هو كتاب (الجزائر بلاد التاريخ والفن). وبناء عليه فإن الفن الحضري الجزائري قد مثلته العاصمة وقسنطينة والبليدة، وقد ظهر في مدارس متنوعة. وهناك أيضا الفن البربري والفن الصحراوي. وقد دام المعرض نصف شهر (إبريل - مايو). ولكي تظهر الروح الجزائرية في أحلى مظاهرها، حسب المنظمين للمعرض، غنى الشيخ عبد الكريم (؟) في القاعة الصحراوية، ورقصت (وريدة) الرقص الحضري، وعزفت جوقة إيفيل اليهودية ألحان الموسيقى (الأندلسية) فشنفت أسماع الزوار القادمين من فرنسا. وقد تساءل أحد الكتاب عن وصف الفن الجزائري (بالشرقي)، فالجزائر في نظره بلاد مسلمة ولكنها قليلة التشرق، لأن هناك الفن البربري الذي ترك عليها أيضا بصماته (١).
ومن أضخم المعارض ذلك الذي دشن سنة ١٩٣٠ بمناسبة الاحتفال المئوي بالاحتلال. ثم توالت المعارض الفنية. وليس هدفنا استقصاء هذا النشاط الذي كان يخدم الإدارة الفرنسية التي تشرف عليه وتوجهه. وقد اشترك فيه في وقت لاحق بعض الجزائريين، عندما فرضوا أنفسهم على الساحة الفنية، مثل محمد راسم. ولكن الإشراف والتأطير كان دائما فرنسيا، وكان المعرض موجها سياسيا.
والواقع أنه منذ ١٩٢٣ نبهت السيدة بوجيجا إلى ضرورة إنشاء متحف للفن الإسلامي في الجزائر ليكون على غرار متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. ويبدو أن السواح كانوا يختلسون الآثار الإسلامية ونماذج الفن الوطني فدعت هذه السيدة إلى ضرورة إنقاذ الآثار الإسلامية بإنشاء المتحف وصيانة الآثار
(١) ف. ر. (كذا). F.R (الفنون الأهلية الجزائرية) في (المجلة الجزائرية) SGAAN، ١٩٢٥، ص ١٥٤ - ١٥٥. ويوحي تعليق هذا الكاتب بأنه من أنصار المدرسة التي تقول إن البربر غير عرب وغير شرقييين، تحضيرا لإدماجهم في فرنسا. انظر فصل مذاهب وتيارات.