للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قصر مصطفى باشا يضم، حسب ديتسون، سبعة وعشرين شقة، وهو أوسع من قصر الداي بالقصبة. وكانت الأجزاء السفلى من قصر مصطفى منخفضة ومعتمة، وله ساحة. ولم يكن سنة ١٨٥٨ مستعملا في أغراض معينة عدا استعماله بضع ساعات من قبل بنات المدرسة. وتقوم أجنحة القصر على أربعين عرصة من المرمر. ومدخله طويل ومعتم كما قال، ولكن له عدة أبواب.

وقد وصف الدار التي افتتحت فيها المكتبة والمتحف، فقال إنها أجمل وأكثر رشاقة من قصر مصطفى باشا ولكنها غير واسعة مثله. ويدل بناؤها على ذوق رفيع. وقال إن بعضها معتمد على نوع من اللوالب لا يوجد مثلها في العالم بأسره، وهو منظر يشد العيون. وتعتبر القبة الحضرية من الجمال والروعة بحيث تشبه ربما المنطاد (البالون) المعلق. والغرف في هذا المبنى وفي غيره مثل أبنية الصوامع وأضرحة المرابطين، كلها مصقولة ومطلية البلار وقائمة على أربعة أو خمسة بوصات مربعة. وهي عادة من اللون الأزرق المزخرف بالحروف العربية والآيات القرآنية المنسابة الخطوط. ويتألف أثاث بيوت الأغنياء من الحشايا والزرابي الكثيفة والمرايا والمناضد المرصعة بالجواهر (١).

هذا النوع من الأبنية يسميه الكتاب الأبنية المدنية، وهم يضيفون إليها مباني القصبة والمساجد وما يتصل بذلك كالقباب. وقد اختفت مساجد كثيرة، دون مراعاة الخسارة الأثرية ولا الوطنية. كما تهدمت أجزاء عديدة من القصبة في العاصمة، واختفت أو كادت قصبات معظم المدن الأخرى: قسنطينة وعنابة وبجاية ومستغانم ووهران. ولولا أن القصور سكنها أعيان الأوروبيين ومنظماتهم واستخدمت لمصالحهم لكان أمرها كالقصبات والمساجد والأضرحة. والغريب أن أحد الكتاب الفرنسيين يقول إن سكنى الأوروبيين للقصور والأحواش هو الذي أنقذها من التخريب (٢). ولكن ممن؟


(١) ديتسون، مرجع سابق، ص ١٦٨ - ١٧٠.
(٢) قوانار Goinar (الجزائر)، ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>