للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت تستقبل ليس علماء الجزائر فحسب ولكن أيضا علماء المغرب وتونس وإسطانبول وسورية وتمنحهم الإقامة والوظائف. وكانت معسكر أيضا مدينة مفتوحة كعاصمة للإقليم الغربي، لكنها كانت تفتقر إلى التقاليد المحلية العريقة فكان يتوافد عليها العلماء من نواحي كثيرة ولم يتطور فيها الشعور بمضادة علماء الريف أو الغرباء.

ومن مظاهر عيش العلماء في دائرة ضيقة توريثهم الوظائف لأبنائهم وأقاربهم. وقد عرفنا أن المفتي سعيد قدورة قد أناب عنه ابنه محمدا، رغم صغر سنه، في الخطابة بالجامع الكبير. وبعد وفاته أصبح محمد هو المفتي الرسمي وظل في ذلك الوظيف حوالي أربعين سنة ثم خلفه أخوه أحمد، وهكذا. وولي المفتي محمد بن إبراهيم المعروف بابن نيكرو، ولديه خطة الخطابة (ليراهما ويسر بهما). وقد تولى محمد خوجة بن مسلم الخطابة بعد والده. وكانت عائلة ابن العنابي تتوارث الإفتاء والقضاء خلال قرن من الزمن، كما كانت عائلة ابن باديس والفكون في قسنطينة. وحين تولى الشاعر ابن علي الإفتاء الحنفي ١١٥٠ هـ، كان مستندا على تاريخ جده الذي تولى القضاء قبله بحوالي قرن، وبالإضافة إلى ذلك هناك شبه احتكار للوظائف في أسرة واحدة مدة طويلة. فالشيخ ابن الأمين كان قد تولى الفتوى عدة مرات، يعزل منها ثم يعاد إليها. وكذلك كان الحال بالنسبة إلى عائلة ابن الشاهد وعائلة ابن جعدون. وهذا يعود بدون شك إلى تغيير الحكام أنفسهم بسرعة. فالباشا كان يعزل العالم من وظيفته ويعين بدله آخر، فإذا جاء الباشا الجديد عزل العالم الذي وجده وأعاد الأول إلى وظيفته، وهكذا.

وبالإضافة إلى علاقة البنوة والأخوة في الوظيف هناك علاقة المصاهرة، ذلك أن مراجعة تاريخ الأسر العلمية تكشف عن العلاقة العائلية بينها، ولا سيما المصاهرة. فعائلة قدورة كانت تصاهر عائلة المرتضى، وهي عائلة كانت فيها نقابة الأشراف. وكانت بين عائلة الزهار، وهي من الأشراف أيضا، وعائلة ابن المبارك بالقليعة، وهي أسرة مرابطين، مصاهرة أيضا. ويذكر الفكون أن زوج ابن المفتي أحمد بن باديس كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>