للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أختا لوالدته. كما ذكر أنه هو شخصيا كان متزوجا من إحدى بنات المفتي أحمد بن حسن الغربي. وقد مر بنا أن عمر الوزان قد تزوج من عائلة ابن آفوناس. وكان محمد بن نعمون صهرا لعبد اللطيف المسبح. وكلاهما من أسرة علمية في قسنطينة. كما كانت بين أسرة المقري وأسرة الونشريسي مصاهرة.

وكان العلماء، وخصوصا الموظفين منهم، ينقمون على المتصوفة ويعتبرون بعضهم انتهازيين وزنادقة، ورغم حماية السلطة لمعظم رجال الطرق وكبار الصالحين فإن العلماء (الفقهاء) كانوا ينظرون شزرا إلى نشاط المتصوفة، ولا سيما أدعياء التصوف في العهود الأخيرة. ومع ذلك فقد كان معظم العلماء منتمين إلى الطرق الصوفية. وبالمقابل كان المرابطون يضيقون ذرعا بعقلانية العلماء وماديتهم وتزلفهم للسلطة (١).

وكثيرا ما كان العلماء الزهاد والمتصوفة يتنهدون أسفا على ضياع العلم وسقوط الفقه بل وذهاب شروط التعليم (٢). وامتلأت (قدسية) الأخضري بالنقمة على المتصوفين المنحرفين. وكان ابن حمادوش، وهو من العلماء العقلانيين قد عرض عدة مرات بالخروج عن جادة العلم إلى التصوف. وأكبر ثورة على أدعياء التصوف والمتاجرة بالدين، يمثلها عبد الكريم الفكون صاحب (منشور الهداية) رغم أنه لا يذكر ما يسميه بالتصوف الحقيقي. أما ابن العنابي فقد أفتى بقتل من سماهم بالدراويش والزنادقة الذين أضروا في نظره بالدين، ودعا الحكام المتنورين إلى محاربتهم، بل اعتبر تصفيتهم جهاد (٣). ويمكننا أن نذكر من العلماء العقلانيين أيضا الشاعر المفتي ابن علي والمفتي الأديب أحمد بن عمار. ومهما كان الأمر فإن المثقفين في


(١) من هؤلاء الحسين الورتلاني، ورحلته مليئة بالتعريض بالسلطة والعلماء الموظفين معا. وكذلك يجد المرء في (كعبة الطائفين) نماذج على ما نقول.
(٢) نسب ذلك إلى الشيخ أحمد التجاني مؤسس الطريقة التجانية.
(٣) انظر كتابنا (المفتي الجزائر ابن العنابي)، الجزائر، ١٩٧٧. و (السعي المحمود) تحقيق محمد بن عبد الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>