للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستوى الثقافي للجمهور، مع استخدامها للتاريخ كمادة أساسية، ولكن تحويله إلى حكايات ساخرة وأسماء معاصرة تثير الضحك أحيانا. ويبدو أن رسالة المسرحية هي التسلية والضحك وليس الثقافة العامة والتوعية التاريخية (١).

ومن الملاحظ أن الموضوعات التاريخية واللغة الفصحى قد رجعت خلال الثلاثينات واستقطبت جمهورا كبيرا، ولا ندري إن كان ذلك راجعا إلى انتشار فكرة النهضة بين الناس وشيوع التعليم العربي على يد الحركة الإصلاحية، ومن ثمة شيوع الثقافة التاريخية نفسها. أو كان راجعا إلى الموضوعات وطريقة علاجها. فمسرحية (بلال) مثلا كانت ناجحة جدا. رغم أنها كانت بالفصحى (شعر) وتناولت موضوعا دينيا - تاريخيا. وقد حلت فرقة مصرية أخرى سنة ١٩٣٢ بقيادة فاطمة رشدي. وقد مثلت بعض المسرحيات التاريخية وبالفصحى. ومع ذلك أحرزت على نجاح أكثر من السابق. وإذا قيل إنها لم تنجح في تمثيل (موت كليوباطرة) لأحمد شوقي في العاصمة، فذلك راجع، ربما إلى غرابة الموضوع على الجمهور، اللهم إلا بعض المثقفين الملمين بالأحداث التاريخية (٢). وقد انتقلت الممثلة المصرية إلى قسنطينة واحتفل بها المثقفون وألقوا أمامها خطبا بالفصحى، وكان التفاعل كبيرا، لأن البيئة الثقافية في الجزائر ليست على درجة واحدة. والعاصمة في العهد الفرنسي كانت (أوروبية) أكثر منها عربية، وذوقها لم يكن حجة على ذوق كل الجزائريين.

ومخالطة المثقفين، سيما الممثلون، في العاصمة للجمهور الفرنسي وحضورهم حفلاته وتتبع مسرحياته جعلهم يتأثرون بالمسرح الفرنسي وأسلوبه في الحركة وسرعة الحوار وانتزاع الضحك من الجمهور. ولكن هذا الحكم يجعل المسرح مكرسا فقط لتوفير التسلية والضحك بينما الفرنسيون قد


(١) نفس المصدر، ص ٧٦.
(٢) مثلت بالعاصمة في ٢ مايو ١٩٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>