للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤدي إلى التناحر الشديد والنتائج السيئة. ومن النوع الأول تنافس سعيد قدورة والقوجيلي الذي أشرنا إليه. ومن جهة أخرى حاول المفتي محمد بن نيكرو (١) أن يتخلى من نائبه في الخطابة ولكن هذا لم يذعن له والتجأ إلى الخزناجي وإلى إثارة العامة على ابن نيكرو وانضم إلى خصومه، وهم المفتي الحنفي محمد بن علي ومحمد بن ميمون قاضي بيت المال ومصطفى العنابي. ووصل الأمر درجة حادة إلى أن أصبح عمال الجامع الكبير يهينون ابن نيكرو. وكانت النتيجة أن توفي هذا بعد أيام فقط من هذه الهزيمة (٢). وقد روى الفكون أن محمد بن نعمون كان يتنافس مع أحمد بن باديس على (الرياسة وأحوال الدنيا) وبلغ به الأمر أن سعى هو (ابن نعمون) وجماعته بابن باديس إلى باشوات الجزائر (وكتبوا سجلات ووصفوه بأمور لا يحل الوصف بها ولا الخوض فيها) إلى أن أجبروه على التوجه إلى العاصمة شخصيا حيث غرمه الباشا وسجنه. ولكن هذه الحادثة التي يبدو أن النصر كان فيها لابن نعمون وجماعته قد انقلبت ضده. ذلك أن الصراع قد انتهى بعودة ابن باديس إلى الإفتاء واستقلاله به وعزل ابن نعمون عنه، بل إن العثمانيين في قسنطينة قد اتخذوا إثر ذلك قرارا (لعله كان بطلب من ابن باديس نفسه) وهو (ألا مفتي إلا ابن باديس) (٣)، والأمثلة على ذلك كثيرة.

وهناك أمثلة على التنافس العائلي أيضا. فقد كانت أسرة ابن عبد المؤمن تنافس أسرة الفكون في قسنطينة. وقد انتهى الأمر بتغليب العثمانيين الثانية على الأولى، ومنحها (مشيخة الإملام) جزاء لها. وبذلك أصبح الفكون هو شيخ المدينة وأمير ركب الحج، وأصبح مقربا لدى


(١) توفي بذات الجنب سنة ١١٥٣.
(٢) انظر القصة في ابن المفتي كما أوردها نور الدين عبد القادر (صفحات)، ٢٨٥. كما كانت هناك خصومته بين مصطفى العنابي وأحمد قدورة. وجاء في رحلة ابن حمادوش خبر خصومته مع المفتي ابن علي وهجوه له، وخبر آخر عن حسد العلماء له على إجازة الشيخ أحمد الورززي المغربي كتابه (الدرر على المختصر).
(٣) الفكون (منشور الهداية)، مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>