وكان حامد نفسه من المولعين بالموسيقى. وقد اغتنم فرصة رحلته إلى المغرب فألف نوطة الموسيقى المغربية في وجدة. وقد جعل عنوان إحداها: مقدمة ومسيرة، وعنوان الثانية: نغمة الرقص العربي، ونشر نوطته على ثلاث صفحات في المصدر المذكور. وكان قد وصف الموسيقى المغربية وقواعدها ونفحاتها (١). ولعل رأيه ونوطته ستكون هامة للباحثين في الموسيقى المغربية. ففي الوقت الذي كان فيه يافيل اليهودي يضع النوطة للموسيقى الجزائرية (والأندلسية)، كان حامد يضع النوطة للموسيقى المغربية.
٢ - وفي أول القرن أيضا ألف القاضي شعيب بن علي تأليفا في الموسيقى سماه (بلوغ الأرب في موسيقى العرب)، كما أطلق عليه عنوانا آخر جميلا هو (زهرة الريحان في علم الألحان). ورغم اشتغال الشيخ بأمور القضاء فإنه ساهم في البحث الموسيقي، وربما وجد نفسه في مرحلة كان الاهتمام فيها بالموسيقى ظاهرة ملفتة للنظر. وقد نرجح أنه ألف كتابه بطلب من السلطات الفرنسية إذ كانت قد طلبت منه أيضا تأليف كتاب عن مصنوعات تلمسان. وسنرى أن عددا من الأوروبيين (في عهد جونار) أخذوا يكتبون البحوث عن الموسيقى العربية ويستعينون فيها بهواتها ومعلميها من الجزائريين، كما فعل رواني مع الشيخ محمد سفنجة. ومهما كان الأمر فإن القاضي شعيب كان متمكنا من علم الموسيقى تاريخيا وربما ممارسة، لأن تلمسان كانت موطن هذا العلم قديما واحتفظت به مع مرور الزمان. ودليلنا على ذلك أن القاضي شعيب سبق له أن ألف كتابا مطولا في الموسيقى سماه (سفينة الأدب الماخرة في بحور ألحان العرب الزاخرة). وهو الذي اختصره في الكتاب الذي ذكرناه في البداية وهو (بلوغ الأرب).
وفي ديباجة هذا الكتاب أبان القاضي شعيب أهمية الموسيقى لدى الشعوب وعلاقتها بالآداب والفنون ومجالات عزفها والمصادر التي اعتمد عليها. وها هو يقول: (الحمد لله مولى النعم، ومؤتى الحكم، ومخصص من