للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدني بالجزائر سنة ١٩٢٥ لاحظ أن الشعب الجزائري حزين لا يميل إلى الضحك والطرائف، ولم تتطور عنده الموسيقى كما تطورت في تونس. ففي الجزائر جفاف في الطبع ومعاناة في الحياة وركود في الموسيقى. ولاحظ أن الموسيقى في البادية ما تزال على عهدها الأول، وهي (تعتمد على المعاني أكثر مما تعتمد على الأنغام). ومن رأيه أن هناك نوعا من الموسيقى الحربية المصحوبة بقرع الطبول، وهي ترافق عادة ألعاب الفروسية. أما اللحن الموسيقي فهو واحد وطويل وبسيط. ونفهم من ذلك أنه ممل ورتيب، ويجري ذلك مع كل مصراع من البيت الشعري بإعانة طبل ومزمار (١).

أما في المدن فقد نشأت في رأيه موسيقى جميلة، وهي خليط من الموسيقى الأصلية وموسيقى أهل الأندلس والأتراك الواردة. ومع الموسيقى. التركية خليط من الإغريقية أيضا. ومن هذه الأنواع جميعا تكون ما سماه المدني (ديوان الموسيقى الجزائرية). وهي متميزة عن الموسيقى الشرقية والغربية، وهي (موسيقى علمية فنية واسعة الغنى إلى درجة مفرطة) (٢).

ثم تحدث المدني عن النوبات الجزائرية التي كانت ٢٤ نوبة فلم يبق منها، كما قال، سوى ١٦ وقد أرجعها إلى موسيقى الأندلس (غرناطة وإشبيلية ومالقة). ومن النوبات الستة عشر هناك سبعة أصلية وتسعة فرعية. أما الأصلية فهي الجاركة والصيكة والموال والعراق والرمل الماية والزيدان والمزموم. وأما الفرعية فهي (من الموال): الذيل ورصد الذيل والماية. ومن فروع (الزيدان): الرمل والمجنبة. ومن فروع (الجاركة): الغريب. ومن فروع (العراق): الحسين والرصد. ومن (رمل الماية): الغريب.

وقد ساعدت المدني ثقافته الموسيقية التي تلقاها في تونس، على وصف ألوان من النوبات الموسيقية الجزائرية، كما لاحظها عند نزوله بالجزائر. فكل نوبة موسيقية تبتدئ بما يسمى التوشية، وهي مقطع موسيقى


(١) أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر) ص ٣٤٠.
(٢) نفس المصدر، انظر أيضا فصل المنشآت الثقافية، فقرة الموسيقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>