الثلاثينات، كما عرفنا، ونشطت الحركة الموسيقية في قسنطينة مع إنشاء النوادي والمدارس وظهور التمثيليات.
وارتبط الغناء والموسيقى بالتمثيل والتأثر بالأساليب الغربية. وهكذا ظهر نمط (المونولوج) الذي استمده بعض الجزائريين من الموسيقى المصرية أيضا. وممن عالجوا ذلك محيي الدين باش تارزي ورشيد القسنطيني. فكلاهما استعمل هذا الفن للترفيه والتوعية والإصلاح الاجتماعي، وقد أقبل عليه الجمهور أكثر من إقباله على الموسيقى (الكلاسيكية) لبقائها غير متطورة أو ابتعاد الذوق العام عن نغماتها. ويقول المدني في معرض النقد إنه لم تنشأ مدرسة موسيقية شعبية تعبر عن مشاعر الجمهور إلى جانب الموسيقى الأندلسية. كما أن الساحة ظلت فارغة من الفرق الموسيقية العصرية التي تستعمل الآلات الجديدة بدل الآلات الوترية القديمة. والمحاولات التي جاءت بها الطليعة، وجمعية ابن الموفق، لم يكتب لها النجاح (١).
٥ - وفي سنة ١٩٣٢ ألقى السيد طالبي محاضرة عن الموسيقى العربية في مدينة تيزي وزو. ولا نعرف عن طالبي سوى أنه كان محاميا. ولكن اسم (طالبي صالح) وجدناه سنة ١٩١٠ عضوا في الجمعية الرشيدية بالعاصمة، وكان معلما متربصا. ولا ندري الآن إن كان الاسم لشخص واحد. ومهما كان الأمر، فإن عددا من الشخصيات حضرت المحاضرة، ومنهم شخصيات فرنسية سامية. ومن رأى السيد طالبي أن الموسيقى العربية (الأندلسية؟) قد جمعت بين رومانتيكية (روحانية؟) الشرق والتفكير الإسباني (الأندلسي)، وأنها من نتاج الحضارة الأندلسية الإسلامية.
ومن الملاحظات التي أبداها السيد طالبي أن الموسيقي العربي لا يميل
(١) المدني، مرجع سابق، ص ٣٤١ - ٣٤٢. ذكرنا في فصل المنشآت الثقافية أن الذي وضع النوطة للموسيقى الجزائرية هو اليهودي أدمون يافيل، فقد سجل الكثير من القطع وضبطها بالنوطة وأعانه على ذلك فنانون جزائريون، منهم ربما محمد سفنجة. لكن إيفيل لم يسجل كل الأنواط الجزائرية، وقيل إنه وقع في أخطاء كثيرة وفي خلل أيضا. انظر المدني، مرجع سابق، ص ٣٤١. وقد طبع كتاب يافيل سنة ١٩٠٤.