للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المناظر الصارخة أو الطارئة، بل يحب السهول حيث تتكسر حدة الضوء. أما عن الموسيقى ذاتها فقد قال إنها متساوية التوزيعات في الإيقاع ونعومة الأصوات، واعتبر القطعة الموسيقية عبارة عن (حلم قد مضى). وجاء طالبي بعدة حكايات تساعد على فهم هذه الموسيقى. وأثناء شرحها قامت (جوقة ساسي) للموسيقى الشرقية بعزف يبين معاني تلك الحكايات، وقد أدت ذلك بمهارة وعاطفة خاصة. ودامت المحاضرة ساعتين، ولا شك أنها كانت باللغة الفرنسية. ونحن لم نعرف عن (جوقة ساسي) هذه سوى من هذا النص (١).

٦ - كتب السيد محمد زروقي سنة ١٩٣٦ مقالة في مجلة (الرسالة) المصرية تعرض فيها إلى الموسيقى الجزائرية أثناء نقده لموسيقى محمد عبد الوهاب. كما أن السيد زروقي تعرض إلى أصول الموسيقى العربية والغربية وقواعدها وميزاتها. ويبدو أنه كان من مدينة تلمسان ومن المعجبين بالتراث الأندلسي وأصالته. وانتقد (اقتباسات) عبد الوهاب وغناءه باللهجة المصرية. واعتز بالموسيقى الشرقية - العربية قائلا إن أوروبا تلميذة الشرق في الموسيقى والآلات والإيقاعات، وإن الموسيقى الغربية فقيرة في النغمات (ولا أدل على ضعف السلم في الموسيقى الغربية من اقتصاره على استعمال النغمين فقط). وأضاف أن النغمة المنخفضة ترجع إلى عرب الأندلس. ثم إن أحزان الموسيقى الغربية لا تفوق أحزان الأغاني العربية (٢).

من ملاحظات زروقي أن عبد الوهاب أخذ ألحان فيلم (الوردة البيضاء) من بحارة الفولغا، وهي أغنية روسية واقعية، وهذا لا يتلاءم مع الفيلم الشعري الخالص. كما أن أغنية (يا شراعا) في مدح الملك فيصل (العراق) تحتوي على عاطفة ولكن ليس فيها حمية وحماس. ولاحظ أن التجديد ليس هو في تقليد الغرب فقط، فهناك جزائري حاول أن يقلد الموسيقى الغربية، ولكنه سرعان ما انطفأ بعد نجاح قصير. ولا ندري إلى من كان يشير زروقي.


(١) انظر عن المحاضرة المجلة الجزائرية SGAAN، ١٩٣٢، ص LXVI.
(٢) محمد زروقي (إلى الأستاذ محمد عبد الوهاب) في مجلة (الرسالة) عدد ١٧٧ بتاريخ ٢٣ نوفمبر ١٩٣٦، ص ١٩٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>