للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباشا بأن يشاورهم في الأمر وأن يدع عنه الغواة لأن العلماء ورثة الأنبياء وأن في الجزائر عددا كبيرا منهم اشتهروا بالتفسير والحديث والنثر والشعر وحفظ الأسانيد والأنساب والفقه والمناظرة، ولكنهم مع ذلك لا يجدون مساعدة لأن الباشوات قد أهملوهم فكانت النتيجة أن ضاع العلماء وجاعوا. وكان المفروض أن يأخذوا حقوقهم المعروفة من بيت المال أو من الأوقاف ولكنهم كانوا محرومين من هذا وذاك بينما هناك من يتمتع بهذه الأموال ويستعملها في الفساد الاجتماعي كالخمر وشرب الدخان. وفيما يلي بعض الأبيات من

قصيدة ابن آقوجيل الهامة في هذا الموضع في فاتح القرن الثاني عشر (١٨ م)، وهو يوجه كلامه إلى الباشا المذكور:

شاور ذوي علم ودين ناصح ... ودع الغواة وكل ذي تزوير

فالعلم ميراث النبوة ناله ... قوم لهم حظ من التنوير

كم في بلادك من نجيب حافظ ... ومشارك في النظم والمنثور

ومحقق ومدقق ومناظر ... من كل دراك الحجى نحرير

لكنهم فقدوا الإعانة واغتدوا ... ما أن يراعيهم ذوي التأمير

ضاعوا وجاعوا لا محالة وابتلوا ... في ذا الزمان الصعب بالتقتير

منعوا حقوقهم بمال الله لا ... يرجى لهم طمع ولو بنقير

حتى حبيس كان يلتقطونه ... حرموه، هذا غاية التنفير!

لا ينبغي أن يحرم الأحباس من ... إن يعطها يعرف بكل ضرور

والبعض يمنحها ويصرفها لدى ... شرب الدخان وخسة وخمور

فاردد حبيسا، قل، يمتصونه ... مص النواة ونقرة القطمير

يا أيها الملك الذي نرجو به ... عدلا ينوط بذي الغنى وفقير

إني نصحتك والنصيحة ديننا ... فاقبل، ولم ينصحك دون خبير (١)

ويعتبر ابن آقوجيل شجاعا عندما (نصح) الباشا هذه النصائح التي لا


(١) ابن ميمون (التحفة المرضية) مخطوط، ١١١. والقصيدة تبلغ سبعين بيتا. وسنتعرض للشاعر في فصل الشعر من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>