للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان معه في هذه المغامرة العجيبة عبد اللطيف المسبح أحد العلماء الفقهاء والرياضيين. كما روى نفس المؤلف أن جده لأمه (وهو محمد بن قاسم) الذي كان يشغل وظيفة مزوار الشرفاء والذي تصدر الفتيا، قد (متحن حين أراد العسكر قتله ومنع من رفع القلم والصعود إلى دار الإمارة) (١). ونفس المصير لقيه يحيى بن باديس، فقد (امتحن حيث أشرف (هو ومحمد بن قاسم المذكور) على الهلاك من فتنة العسكر) وكان الشيخ يحيى هذا متوليا للقضاء في قستطينة وخطابة جامع القصبة. وهذا أيضا يحيى بن محجوبة قد (تعددت محنه من دار السلطنة وكثرت سجونه وكثيرا ما يفر من الأوامر الواردة في الانتقام منه وأغرم مرارا) (٢) رغم أنه كان مفتيا وقاضيا. ولم يسلم الشيخ عبد العزيز النفاتي من المصير المظلم الذي كان ينتظر هؤلاء العلماء. فقد كان بينه وبين الباي محمد بن فرحات (الذي كان يحكم قسنطينة باسم العثمانيين) مغرم فطلبه منه فشح عليه به فوضعه في السجن إلى أن مات فيه.

وقد ذكرت المصادر أيضا أن مفتي بسكرة قد فر إلى سيدي عقبة خوفا من عامله (٣). كما أن محمد بن بوضياف قد أساء بعض البايات معاملته حتى هدد في حياته رغم أنه تولى القضاء والفتيا (٤). ولكن بعض البايات كانوا على علاقة طيبة مع العلماء، فأمرة ابن جلول وأسرة البوني، بالإضافة إلى أسرتي الفكون وابن باديس اللتين ذكرناهما من قبل، كانت في الغالب محل ثقة واحترام البايات. وكان العلماء من جهتهم يعرفون أيضا مكانتهم عند البايات فيشاركونهم في السراء والضراء، فهم يهنئون الفائز ويعزون المحزون ونحو


(١) الفكون (منشور الهداية)، مخطوط.
(٢) نفس المصدر.
(٣) الدرعي (الرحلة)، ١٩٣.
(٤) حياة هذا العالم متقلبة وقد ذهب إلى مدينة الجزائر ليشكو الباي إلى الباشا ورآه الباشا في جلسة الديوان فوعده بمنصب ثم منحه بغلة بيضاء وجبة خضراء وبرنوسين من السوستي ومتين سلطانيا ذهبا. انظر شيربونو (المجلة الشرقية والجزائرية) ١٨٥٢، ٤٤٩. وبناء عليه فإن محمد بن بوضياف قد ولد سنة ١١٩٤ بأولاد خالد.

<<  <  ج: ص:  >  >>