للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن محمد بن محمد العباس الذي رحل إلى فاس. ولكن ابن مريم يقول إنه رجع بعد مدة إلى تلمسان (١).

وأكبر موجة من الهجرة نحو المغرب حدثت بعد فشل الحملة السعدية على تلمسان. فقد رافق السلطان السعدي عند عودته إلى بلاده كثير من العلماء الذين كانوا قد أيدوا تدخله في تلمسان. وكان ذلك حوالي سنة ٩٦٨ هـ. ومن الذين هاجروا في هذه الأثناء محمد بن أحمد المعروف بابن الوقاد التلمساني الذي تولى عدة وظائف رسمية كالقضاء والإفتاء والتدريس في مدن مختلفة من المغرب كفاس ومكناس وتارودانت وسجلماسة. وقد أدركته الوفاة بتارودانت سنة ١٠٠١ هـ. وقد قيل إن ابن الوقاد رغم هذه الوظائف التي تولاها والظروف التي عاشها في تلمسان وفي المغرب على العهد السعدي قد حذر من العمل لدى الحكام حتى نسب إليه هذا البيت: كل التراب ولا تعمل لهم عملا ... فالشر أجمعه من ذلك العمل (٢) ومن الذين كانوا ضحية هذه الأوضاع بين العثمانيين والسعديين محمد بن عبد الرحمن المغراوي المعروف بابن جلال. فقد ولد بتلمسان سنة ٩٠٨ واشتهر بعلومه ومكانته وارتبط بالسلطان السعدي هناك. ولما حان وقت عودة السلطان إلى فاس رافقه ابن جلال إليها سنة ٩٥٨، فكان محظوظا لديه حتى قلده وظيفة الفتيا والتدريس والخطابة بجامع الأندلس ثم جامع القرويين. وظل في الموضعين أكثر من عشرين سنة. وقد أصبح ابن جلال عارفا بعلوم الوقت كالمنطق والفقه والعقائد والبيان والحديث والتفسير. وكانت له شخصية قوية حسب من ترجموا له. وفي فاس أصبح له تلاميذ معترف لهم كأحمد المنجور صاحب الفهرس. ويكفي ابن جلال أنه علم ابنه


(١) ابن مريم (البسان)، ٢٥٨, ٢٦١.
(٢) أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا)، ٧٨. وإبراهيم حركات (الصلات الفكرية بين تلمسان والمغرب)، ١٩٧٥، ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>