للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصر، كما سنعرف (١). ولكننا لا نستطيع أن نجزم هنا أن أحمد بن عمار كان من المهاجرين نهائيا. كما أننا لا نستطيع أن نؤكد ذلك بالنسبة لمعاصره وصديقه عبد الرزاق بن حمادوش، صاحب الرحلة والآثار العلمية الأخرى. فقد ولد ابن حمادوش وعاش وتثقف بالجزائر وتوظف، ثم تنقل بين المغرب وتونس ومصر والحجاز، ولكننا لا نعرف ما إذا كان قد عاد إلى بلاده أو ظل خارجها إلى وفاته (٢). ويمكننا أن نغامر فندعي بأن كلا من ابن عمار وابن حمادوش مات في مهجره ولم يعد إلى الجزائر.

ومن الذين كانوا يشعرون أيضا بمأساة خارج الجزائر لأسباب لا نعرفها (ولعل من بينها النفي السياسي) الشيخ محمد بن أحمد الشريف الذي كان دائما يكتب بعد اسمه أنه جزائري المولد والنشأة أزميري الوطن والملجأ. فقد ذكر أن من شيوخه في الجزائر محمد بن عمر المانجلاتي ومحمد زيتونة التونسي ومصطفى بن إبراهيم الأزميري. وقد ترك محمد بن أحمد الشريف عدة تآليف في الحديث والفقه سنعرض إليها في الجزء الثاني. ويبدو أنه استوطن بعد الجزائر أزمير واتخذها منفاه، ثم تنقل فذهب إلى الحجاز حيث بقي فترة مجاورا وتعرف هناك على أحد الوزراء العثمانيين، وهو أحمد باشا نعمان، الذي أصبح شيخا للحرم الشريف. وقد استجازه هذا الوزير فأجازه (تطييبا لخاطره، وتنشيطا لفكره وناظره) سنة ١١٥٤. والغالب على الظن أن محمد بن أحمد الشريف قد توفي في مهجره حوالي سنة ١١٥٩.

وتطول بنا القائمة لو حاولنا استقصاء العلماء الذين هاجروا وقضوا حياتهم في المهجر، فالأسباب عديدة وقد أشرنا إلى أهمها. والبلدان التي توجهوا إليها متعددة المشارب حسب المغريات العلمية والسياسية التي يجدها المهاجر. غير أن بعضهم كان يعود إلى وطنه كحمودة المقايسي


(١) سنترجم لأحمد بن عمار في فصل النثر من الجزء الثاني. انظر عنه أيضا مقالتنا (إجازة ابن عمار للمرادي)، مجلة (الثقافة) عدد ٤٥، ١٩٧٨.
(٢) سنترجم له في فصل العلوم من الجزء الثاني. انظر أيضا دراستنا عنه في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر).

<<  <  ج: ص:  >  >>