للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر وأقام بها وصار له هناك صيت عظيم. واستقل أياما بالإمارة حتى صدر الأمر عن نظره. وقد تزوج بمدينة الجزائر أيضا وأصبح من أهلها. ولكن الدائرة دارت عليه. فهل جاء المولى علي ليعيد نفوذ السلطان لدي الأوجاق إلى سالف عهده ففشل؟ أو هل كانت له أغراض أخرى لم يكشف عنها إلا للمقربين إليه؟ وعلى كل حال فإن السلطات العثمانية قد قلبت له ظهر المجن بعد أن عرفت غرضه، فامتحنته امتحانا عسيرا ثم نفته من الجزائر، بل أخرجه عسكر الجزائر (وهم الأوجاق) عن أهله وماله، فذهب إلى تونس حيث توفي (١).

ومن الأتراك الذين وردوا على الجزائر في العهد العثماني الأخير الشيخ مصطفى خوجة، فقد حل بها سنة ١١٦٨ وعين منذ وصوله إماما لجامع خضر باشا حيث ظل ثماني عشرة سنة. ثم تولى وظائف أخرى إدارية مثل حامل الراية وكاتب التذكرات، وشارك شخصيا في الحرب ضد الأوروبيين أثناء حملة أوريلي الشهيرة على الجزائر، وبالإضافة إلى الإمامة والجهاد ألف بعض التآليف بالتركية عن الحوادث التي جرت أمامه وعاشها. ومن ذلك كتابه (التبر المسبوك في جهاد غزاة الجزائر والملوك) (٢) و (رسالة مضحكات وعجائبات) (٣)، وهي عن الصلح بين الجزائر وإسبانيا. ولا ندري بأية لغة


(١) قصته في الفكون (منشور الهداية)، مخطوط. وإذا أخذنا في الاعتبار تاريخ تولية السلطان أحمد فإن القاضي العثماني يكون قد جاء إلى الجزائر قبل ١٠٢٧.
(٢) توجد منه نسخة مخطوطة بالجزائر، وهي التي اعتمدت عليها تيريز شلابوا في دراستها وترجمت أكثره إلى الفرنسية. انظر مجلة (فوليا أوريانتاليا) البولندية، ١٩٧٦، ١٠١ - ١١٦، وسنة ١٩٧٧، ٤٩ - ٦٤.
(٣) وهي رسالة في ثلاث عشرة ورقة بتاريخ ١٢٠٠ ومعها عبارة ألفه بالتركية مصطفى خوجة إمام جامع خضر باشا سابقا. وقد اطلعنا عليها في مكتبة توبكابي بإسطانبول وهي برقم ١٤١٢. ولها مقدمة ضعيفة بالعربية تبدأ هكذا (الحمد لله الذي أنعم علينا بأنواع النعم .. أما بعد فإني أردت أن ألف تاريخا أبين مصالحة الجزائر مع إسبانيول بعد ما استولى على الجزائر ثلاث مرات، واحدة منها في البر واثنين (كذا) منها في البحر، وهزمهم الله بأنواع التهزيمات ..) والتاريخ المذكور (وهو سنة ١٢٠٠) هو تاريخ نسخها بيد الحاج محمد طاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>