للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مصطفى خوجة يؤم الناس ويخطب عليهم ما دام قد ألف بالتركية. ولذلك قلنا في أكثر من موضع بأن الوظائف الدينية في الجزائر لم تكن تسند دائما إلى أهلها.

وقد ارتبط محمد بن علي الخروبي الطرابلسي بالعثمانيين في الجزائر من أول عهدهم وخدمهم بإخلاص حتى كانوا يثقون فيه كل الثقة. ومن الجزائر ذهب إلى المغرب في مهمات سياسية وعلمية. فدخل فاس ودرس فيها وأجاز بعض علمائها كمحمد الحضري الزروالي، ثم توجه إلى مراكش وترك هناك خزانة كتب ضخمة، وكانت معرفته بالمغرب وبعلمائه هي التي أهلته، مع ثقة العثمانيين فيه، ليتولى السفارة باسمهم لدى سلاطين المغرب السعديين وعلى رأسهم محمد المهدي الشيخ. فقد ذهب الخروبي هناك على الأقل مرتين، منها واحدة سنة ٩٦١، لعقد الهدنة وتحديد الحدود. وكان الخروبي قد أخذ العلم بالجزائر أيضا حيث يذكر بعض من ترجموا له أنه درس على محمد بن عبد الله الزيتوني وأحمد بن عبد الرحمن زروق ومحمد بن مرزوق وعبد الرحمن الثعالبي (١) وعن تلاميذ محمد بن يوسف السنوسي. وجميع هؤلاء من أقطاب الزهد والتصوف في الجزائر. فلا غرابة إذن أن يسير الخروبي على نهجهم، بل يبالغ حيث اعتدلوا. وقد تولى أيضا في الجزائر بعض الوظائف كالخطابة واشتهر بجمع الكتب. وله مؤلفات عديدة معظمها رسائل وشروح لا تخرج عن الأوراد والطرق الصوفية (٢). ومهما يكن من أمر فإن نشاط الخروبي قد ساعد على إرساء قواعد الحكم العثماني في الجزائر.


(١) لا شك أن المقصود هم تلاميذ الثعالبي، وذلك أن الثعالبي قد توفي سنة ٨٧٥.
(٢) انظر دراسة المهدي البوعبدلي عنه (المجلة الإفريقية) ١٩٥٢، ٣٣٠، وعباس بن إبراهيم (الإعلام بمن حل مراكش) ٤/ ١٥٠. وقد علمت أن عمر مولود عبد الحميد الليبي قد خصص للخروبي رسالة دكتوراه وطبعها سنة ١٩٧٧. وما زلت لم أطلع عليها. وقد توفي الخروبي في الجزائر ودفن بها سنة ٩٦٣ ويقال إن سبب وفاته هو الوباء الذي حصل في هذا التاريخ. وللخروبي تفسير للقران الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>