الشعب الذي كان بزعامة مصالي الحاج، هذا الحزب الذي تأسس سنة ١٩٣٧ ظل هو العمود الفقري في سياسة المطالبة باستقلال الجزائر والعمل على تحقيق ذلك بكافة الوسائل ومنها السلاح، وفي مرحلة قريبة من بداية الثورة جرى داخل الحزب بعض الخلاف حول الطرق المؤدية للاستقلال: هل هي مقاطعة العمل السياسي داخل النظام أو التعامل مع النظام بوجهين: وجه ظاهري تمثله المشاركة في الانتخابات ووجه باطني أو سري وهو الإعداد لثورة مسلحة، وقد استقر الرأي على ذلك المنهج فأصبحت (حركة الانصار) هي الوجه السياسي الظاهري و (المنظمة الخاصة) هي النواة لتحضير الثورة في السرية، بينما بقي حزب الشعب الذي حلته السلطة الفرنسية واعتبرته خطرا على أمن الدولة ومصير الجزائر الفرنسية، هو التنظيم الذي يغطي الاثنين وهو المرجع في السياسة وفي العمل المسلح.
ولابد من القول إن الحزب قد تضخم وتجدد ودخلته عناصر مثقفة، مارست السياسة وحركتها الحياة في السجون، وأصبحت لها آراؤها في وضع الإستراتيجية المناسبة للمرحلة، لذلك برزت شخصيات قائدة في كل تنظيم سواء في المنظمة الخاصة أو حركة الانصار، وأصبح هناك قادة عسكريون وقادة سياسيون، وفيهم النواب في الجزائر وفرنسا، وفيهم الصحفيون والصيادلة والأطباء والمعلمون، وقد حدث انشقاق بين (الحرس) القديم والقيادة الجديدة، أو بين المحافظين على زعامة الحزب كما هي بقيادة مصالي الحاج وبين (اللجنة المركزية) التي أصبحت بالتدرج تضم جيلا جديدا من السياسيين الميدانيين، وقد ظهرت التسمية الجديدة بعد قطع الجسر بين أنصار مصالي وخصومه داخل الحزب، وبعد أن فشلت جهود التوفيق بينهما على يد بعض العناصر من المنظمة الخاصة.
لماذا لم يعد مصالي الحاج محل ثقة أعضاء الحزب؟ إن مصالي ظل يملأ الساحة السياسية لحزبه وأنصاره منذ ١٩٢٧، فهو المرجع السياسي الوطني عندما كان العمل السياسي مرتكزا في فرنسا، وهو كذلك المرجع عند ما انتقل