العمل السياسي إلى الجزائر وانتشرت خلايا الحزب في مختلف جهات الوطن، بنى مصالي الحاج شخصية ذات هالة (كاريزمتية) عند أتباعه، وحتى على المستوى الشعبي، فكان له مظهر الزعيم ممسكا بزمام الحزب، رغم أن خصومه ينتقدون مستواه الفكري وقدرته في الذكاء، وكان يقال إن عقيدته كانت وطنية يسارية (ماركسية) لتأثره بمبادى الحزب الشيوعي الفرنسي ولكون زوجته الفرنسية كانت شيوعية صريحة، ولكن عقيدته تحولت إلى عربية إسلامية تبعا للتيار القومي والإسلامي الذي كان ينشط في المشرق خلال الثلاثينات، كان البعض من أتباعه قد اتهمه بالفردية والاستبداد بالرأي ونشر (عبادة) الفرد، وهذا ما أخذته عليه اللجنة المركزية عشية الثورة حين بلغ الخلاف بينهما أشده، وأقصى كل منهما الآخر، وكان من نتيجة هذا الخلاف تأخير إعلان الثورة حوالي سنتين، ومن نتائجه أيضا أن الثورة قد أعلنت بدون مصالي وبدون خصومه المركزيين، فقد أعلنها فريق ثالث من الحزب ذاته منبثق عن المنظمة الخاصة ليجعل المتخاصمين أمام الأمر الواقع ويجبرهما على الانضمام إلى الثورة بدل الجدال العقيم حول الزعامة.
ولعل من المأساة أن يعيش المرء عيشة مصالي، فقد ظل فترة طويلة في السجون الفرنسية (في الجزائر، وفرنسا، وإفريقيا) بينما كان الحزب ينمو ويكبر عددا وفكرا، ومع السن والمسافة لم يعد مصالي قادرا على متابعة الأحداث وفهم ذهنية الأجيال إلا بواسطة وذلك لا يكفي، فالاستعمار الفرنسي يقتل بعض الزعماء قتلا بطيئا بينما يصنع الفرص لآخرين حتى ينتفخوا ويصيروا زعماء، ورغم شهرته فإن مصالي لم يخرج عن فرنسا وسويسرا (أو أدغال إفريقيا) ولم يزر المشرق العربي سوى مرة واحدة عندما أدى فريضة الحج، ولم يمر على تونس أو ليبيا أو سوريا لأن الرخصة التي أعطيت له للحج صيف ١٩٥١ اشترطت عليه السفر جوا.
ومع ذلك فإن مصالي نزل مصر بعد أداء الحج، وكانت له فيها أنشطة شملت الأزهر والجامعة العربية ومكتب المغرب العربي، ويبدو أنه أقام في مصر