الجالية بوطنها ودينها خوفا عليها من الضياع في الحياة الفرنسية، وبينما فشلت الجمعية في الحصول على مركز في باريس حتى بعد سفر الإبراهيمي إليها فإنها، نجحت في الحصول على مكتب في القاهرة بفضل جهود ثلاثة رجال لم يذكر الإبراهيمي أسماءهم، وهم أنفسهم قاموا بتدبير بعثات طلابية للجزائريين من قبل حكومة مصر وباكستان، ولا شك أن أحد هؤلاء الرجال هو الفضيل الورتلاني.
وبنهاية الاجتماع قرأ الشيخ إبراهيم مزهودي تقريرا عن نشاط الجمعية في فرنسا، وألقى الشاعر أحمد سحنون قصيدة، وشاركت الأحزاب السياسية المدعوة بالحضور وإلقاء الكلمات، فقد تحدث العربي دماغ العتروس (وهو نائب عن حزب الشعب في المجلس الجزائري) باسم حركة الانتصار، وتكلم عبد الحميد بن سالم باسم حزب البيان، ويونس كوش عن الحزب الشيوعي، وأحمد توفيق المدني عن الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحرية، وختم الشيخ العربي التبسي الاجتماع بخطبة ناقش فيها من يقول إن الجمعية لا تتدخل بالسياسة، ففي نظره أن جمعية العلماء هي جمعية لكل الجزائريين بحكم مبادئها، وما دامت السياسة قد تدخلت في الدين (يقصد الحكومة الفرنسية وسيطرتها على شؤون الدين الإسلامي) فإن الجمعية تقف مع الديمقراطية وحقوق الإنسان لأن الإسلام والاستعمار لا يلتقيان (١).
على هذا المنوال سارت جمعية العلماء في الجزائر، لكن حدثت أحداث جعلتها في الواجهة أحيانا أو كما قال الشيخ التبسي لا تستطيع ألا تدخل في السياسة لأن هذه تدخلت في شؤون الدين الإسلامي، ففي يناير ١٩٥٢ غادر الإبراهيمي الجزائر عبر فرنسا متجها إلى المشرق لكي يحضر مؤتمرا إسلاميا في باكستان ويدبر منحا لطلبة المعهد ثم يرجع، ولكنه لم يرجع لحدوث الثورة وانقطاع السبل بأمثاله، وأثناء ذلك وقعت تغييرات في الجمعية أصبح بها النائبان