(الشيخ التبسي والشيخ محمد خير الدين) يتنافسان على إدارة الجمعية، وأصبح أحمد توفيق المدني هو الكاتب العام ورئيس تحرير البصائر، ووقع بعض التمرد من الطلبة في القاهرة ضد سلطة مكتب الجمعية، وخصوصا ضغط الشيخ الورتلاني الذي كان يعمل - كما قيل - على إدخال الطلبة في حركة الإخوان المسلمين، بينما كان مكتب المغرب العربي في القاهرة الذي يسيطر عليه حزب الشعب الجزائري، يعمل على جذب الطلاب إليه، وكان لهذه التطورات ارتداداتها في الجزائر لدى أولياء الطلبة والأساتذة، ولذلك طلب المجلس الإداري للجمعية في اجتماعه، سبتمبر ١٩٥٤، بعودة الشيخ الإبراهيمي لإعطاء تفسير واضح عما حدث مع الطلبة، مع تقديم بيانات عن تأزم الوضع في الجزائر وحرج الجمعية من اتخاذ مواقف في غيابه (١).
ويرى بعض الباحثين أن العلماء خدموا التعليم الحر واللغة العربية، وقاموا بالوعظ والإرشاد في المساجد الحرة عندما لم تسلم لهم الإدارة الشؤون الدينية التي ظلت تشرف عليها، كل ذلك في ظرف قصير بين ١٩٤٧ و ١٩٥٤، ومن جهتها قامت فرنسا بحل اللجان الاستشارية للديانة الإسلامية التي كان يشترك فيها موظفون فرنسيون، بتاريخ الثالث من أغسطس ١٩٤٤، وهو إجراء رأى فيه العلماء انتصارا لهم لأنه سيمكنهم من الإشراف على الشؤون الإسلامية ويحقق ما سعوا إليه طويلا وهو فصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية أسوة بما حدث مع النصرانية واليهودية، لكن الإدارة لم تسلم لهم الشؤون الإسلامية وفتحت في المجلس الجزائري نقاشا لا طائل تحته مما أتاح لها (الإدارة) الإبقاء في يدها على تعيين ممثلي الديانة الإسلامية رغم الوعد بالفصل الذي جاء في قانون (دستور) ١٩٤٧.
وهكذا أبقى المجلس الجزائري شؤون الدين الإسلامي في أيدي رجال
(١) محضر اجتماع جمعية العلماء بنصبه في كتابا أبحاث وآراء، ج ٢، ط ٤، بيروت، ٢٠٠٥.