للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثات يشرف عليها شيوخ من بني ميزاب، أمثال أبي اليقظان ومحمد علي دبوز، وهذه البعثات جاءت بنتائج باهرة إذ تخرج منها عدد هام من الطلبة الذين توجه كثير منهم للتعليم في المدارس الحرة ومنهم من توجه إلى الاقتصاد والسياسة.

ويهمنا من هذه الجمعيات تلك التي تكونت سنة ١٩٣٤ في تونس والتي تولاها الشاذلي المكي في فترة حافلة بالأحداث في القطرين وزيارة ابن باديس لتونس ثلاث مرات في هذا العهد وإلقاء محاضرات وعقد لقاءات عن مستقبل القطرين، وهذه الجمعية هي التي أصدرت نشرة بعنوان (الثمرة الأولى) ظهر عليها الطابع الوطني والإسلامي، وقد اشترك في الكتابة فيها الشيخ أبو يعلى الزواوي واعتذر لهم عن الكتابة الشيخ مبارك الميلي والشاعر مفدي زكرياء، بينما كتب فيها أحمد حماني ومحمد الشبوكي والأخضر السائحي ...

وإذا كانت الحرب العالمية الثانية قد جمدت نشاط هذه الجمعية كما تقلص خلالها عدد الطلبة الدارسين في الزيتونة فإن الجمعية عادت إلى نشاطها بعد الحرب، وبعد أن تولتها قيادة تنتمي إلى جمعية العلماء مثل أحمد بوروح وعبد الرحمن شيبان آلت إلى قيادة موالية لحزب الشعب/ حركة الانتصار على رأسها محمد مرازقة وعمار النجار، وقد أصدرت القيادة الجديدة نشرة (الثمرة الثانية)، ومن الملاحظ أن الذي كتيب لها التصدير هذه المرة هو مصالي الحاج زعيم حزب الشعب، وقد دفع بكلمته الطلبة نحو السياسة باعتبارهم نخبة مثقفة هي التي عليها أن تقود البلاد في المستقبل، وهو اتجاه كان الحزب قد بدأ في تطبيقه في الجزائر أيضا، والملاحظ أيضا أن مصالي تحدث عن (دور شبيبتنا المثقفة في تكوين الحركة الوطنية بمغربنا)، أي أن كلامه يصدق على الجزائر وغيرها وكأنه كان ما يزال يتحدث بلغة نجم شمال إفريقيا، وفي هذا النطاق دعاهم إلى قيادة الجماهير مستقبلا باعتبارهم نخبة مثقفة .. بعد أن تكون قد تشبعت بروح الحضارة العربية، وهذا الكلام إذا قرى على أنه من قلم زعيم فإنه يدل على قناعته بمشروع فكري للمستقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>