للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثورة يجب أن تحافظ على استقلالها وصيانة نفسها، والواقع أن هذا المبدأ لا ينازعها فيه أحد، فلولا الاستقلالية لما حافظت الثورة على وحدتها وقرارها الجماعي، ولكن السؤال هو من أجل ماذا (تتحالف) الثورة مع الدول العربية، هل هناك قضية أو مصير مشترك؟ ولماذا لا يكون التحالف مع الدول الاشتراكية مثلا؟ ومن الملاحظ أن الوثيقة تتحدث عن الدول العربية التي تتأثر عادة بعلاقاتها مع الدول الأخرى حسب المصالح الآنية أحيانا، ولا تتحدث عن الشعوب العربية التي كانت تدعم الثورة الجزائرية دعما مطلقا وتشعر أنها ثورتها هي أيضا. ومن الملفت للنظر أن المؤتمر وجه عنايته، بدلا من الدول والشعوب العربية، إلى المهاجرين العرب في أمريكا اللاتينية لأن ذلك في نظر المؤتمرين، يدعم الوفد الخارجي للثورة، ودعت الوثيقة إلى الاعتماد على النفس في نشر الدعاية المكتوبة كإنشاء المكاتب الصحفية وطبع التقارير (المناشير؟)، والصور والأفلام ...) (١).

ومما يذكر أن البرنامج السياسي لمؤتمر الصومام قد حرره عمار أوزقان الذي لم يكن من المندوبين، ولكنه كان - كما أشرنا - الكاتب العام السابق للحزب الشيوعي الجزائري، لذا فإن عبارات القومية والشعبوية والنزعة الاجتماعية المحافظة قد ظهرت في وثيقة المؤتمر بلغة ماركسية واضحة (٢).

ونلاحظ في النهاية أن برنامج الصومام لم يخرج بخطة ثقافية للمستقبل، حقيقة أنه انتقد معاملة الاحتلال لمقومات الثقافة الوطنية (التي لم يحددها بوضوح) كاللغة والإسلام والتعليم ... ولكنه لم يعلن عن برنامج ما بعد الاستقلال، وبقدر ما لام الدول العربية على انتهازيتها وتخاذلها بدل الإشادة بدعم شعوبها للثورة، بقدر ما انفتح على المثقفين الأوروبيين، وعلى


(١) ميثاق مؤتمر الصومام، نشر آفاق عربية، عدد ١٨، ١٩٧١.
(٢) حمد حربي، جبهة التحرير، ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>