في عبارات لا تصدر إلا عن إيديولوجية يسارية أدانت وثيقة الصومام محاربة الإدارة للحركة التقدمية التي كانت تمثلها جمعية العلماء، فهي تصف الحركة الإصلاحية التي قامت بها الجمعية بالتقدمية كما تصف حركة المرابطين والصلحاء بالرجعية، وبالطبع كان هناك عدم تفاهم بين جهود العلماء وجهود المرابطين في خدمة الثوابت الوطنية ولا سيما التعليم العربي وإحياء التاريخ والتراث والنهوض الاجتماعي بنبذ البدع والخرافات والعودة إلى الإسلام الصحيح والسلف الصالح، ومن ثمة قالت وثيقة الصرمام بأن (الإمبريالية الفرنسية وفرت كل الدعم لخرافات الأولياء المرابطين الذين سخرتهم عن طريق إرشاء بعض رؤساء الطوائف)(ربما تعني بالطوائف الطرق الصوفية)، وتساءلت الوثيقة:(ألا يعتبر العقاب القاسي الذي يناله رجال الدين الخونة داخل المساجد نفسها أحسن دليل؟) وهذه العبارات تعتبر اعترافا وتهديدا في نفس الوقت، وقد نددت الوثيقة بالدعاية التي بثها حاكما الجزائر (لاكوست) و (سوستيل) والكاردنال (فلتان) التي زعمت أن المقاومة الجزائرية (حركة دينية متعصبة تصب في خدمة الحركة الوحدوية الإسلامية)، وتكذيبا لهذا الادعاء أعلن المؤتمر أن الثورة قد أنزلت العقاب الصارم بالخونة من رجال الدين حتى في حرم المساجد، ومعنى ذلك أن الثورة الجزائرية لا علاقة لها بالحركة الإسلامية الوحدوية ولا هي ثورة ذات طابع ديني. بالنسبة لموقف الدول العربية من الثورة انتقدت الوثيقة هذه الدول، وخصت بالذكر مصر التي كان المتوقع أن يشيد المؤتمرون بدعمها للثورة كما حدث فعلا أو على الأقل من الناحية الدبلوماسية، فقد اتهمتها الوثيقة بالتخلي عن نقاش القضية الجزائرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإرضاء فرنسا، واعتبرت ذلك الموقف من الدول العربية عموما جبنا، وانتقدتها على دورها المحدود في دعم نضال الشعب الجزائري، خضوعا لاعتبارات سياسية ودبلوماسية مع فرنسا، ولكي تعبر عن الاستقلالية قالت الوثيقة إن علاقات الثورة مع البلدان الشقيقة هي (اتصالات تحالف وليست اتصالات عمالة)، وأن