أن النزاع بين العرب والصهاينة وليس بينهم وبين اليهود، أو كانوا يريدون تجاهل تلك الحقيقة تزلفا للجالية اليهودية، والمعنى الذي يهدف إليه النص أنه لو كان هناك صدى عميق للنزاع لما كان يجري في فلسطين لاستغله الناقمون على الثورة ووظفوا الحركة الصهيونية العالمية ضدها، ولذلك يجب استغلال ضعف التجاوب الجزائري مع النزاع العربي اليهودي لصالح الثورة، وذلك بالتقرب إلى اليهود الفرنسيين وتجنيدهم لصالحها، وطالبت الوثيقة كذلك بالقيام بدعاية قوية للتأثير على الليبراليين الأوروبيين واليهود بتمثيل مسرحيات تمجد التضال الوطني (المشترك؟)، أي أن الوثيقة تعترف بوجود نضال مشترك بين العرب واليهود في الجزائر، ولكن ضد من؟
والغريب أن المؤتمر لم يوجه خطابه إلى البلاد العربية التي كانت وحدها تدعم الثورة الجزائرية حتى ذلك الحين، بل وجه خطابه لدول مؤتمر باندونغ، فهي التي شكرها وطلب منها الدعم. أما بخصوص الجنسية والذاتية اللغوية فقد ألح المؤتمر على أن الجزائريين في الماضي لم يقبلوا أبدا بالفرنسة ورضوا بالعيش في وطنهم بدرجة أقل حرية من الأجانب، بينما عمد المستعمر إلى (ختق اللغة الوطنية التي تتكلمها الأغلبية الساحقة من المواطنين، أي اللغة العربية،) وعبارة المواطنين هنا غامضة وتحتمل عدة معاني، منها كل السكان بمن فيهم الأوروبيون فتكون اللغة العربية لغة الأغلبية المطلقة لسكان الجزائر، وقد تعني الأغلبية من السكان المسلمين، وبذلك تخرج أقلية أهلية لا تتكلم هذه اللغة، وفي ذلك مشكل من نوع جديد للهوية الثقافية الوطنية، ومهما كان الأمر فالظاهر أن المؤتمرين عنوا بذلك التعبير كل سكان الجزائر لأن الوثيقة تحدثت عن اختفاء التعليم العالي باللغة العربية منذ بداية الغزو الفرنسي الذي شتت أساتذة وتلاميذ اللغة العربية وأوصد أبواب الجامعات في وجوههم وهدم المكتبات واغتصب التبرعات (الأوقاف) الدينية، كما دنس الدين الإسلامي وأخضع رجاله فأصبحت الإدارة الاستعمارية هي التي تختارهم وهي التي تمنحهم أجورهم.