وها قد تخلى الشباب عن المواقف المثالية الفردية أو الإصلاحية مما يدل على وجود اتجاه سياسي سليم لدى هذا الشباب، ولذلك دعا المؤتمر إلى تكوين لجان عمل تضم المثقفين الوطنيين وتأطيرهم، وعلى جبهة التحرير أن توضح مجالات العمل لهؤلاء الطلبة والطالبات، وهي المجالات السياسية والإدارية والثقافية والصحية والاقتصادية. بالنسبة للأقلية الأوروبية (الفرنسية) التي نعتتها النصوص بالليبرالية وقف المؤتمر موقفا لينا حتى ليكاد يسميها (ضحية) جهل الأحزاب السياسية حين لم تضع خطة استراتيجية تجعل الأوروبيين على قدم المساواة مع المسلمين في الجزائر، ودعا المؤتمر كذلك إلى التغرب من هذه الأقلية خلافا لساسة الأحزاب القديمة، فقد أنحى باللائمة على الأحزاب لأنها لم تهتم بالأقلية الأوروبية بينما اهتمت بالرأي العام الإسلامي فقط مما جعل الدعاية الاستعمارية تستغل الوضع وتتهم الحكومة الفرنسية بالتخلي عن (الأقلية الجنسية غير المسلمة وتركها عرضة للبربرية العربية والحرب المقدسة)، وفي هذا دعوة لجبهة التحرير لكي تتخلى عن دعاية الأحزاب القديمة التي تخيف الأقلية الأوروبية بإلحاحها على استرجاع الهوية العربية المتوحشة تحت راية الجهاد، ومن رأي المؤتمرين أنه من الخطأ غير المغتفر وضع كل الأوروبيين واليهود في سلة واحدة، وقد ألح محضر المؤتمر على أن الثورة الجزائرية ليست حربا أهلية بين الأقلية الأوروبية والأغلبية المسلمة ولا حربا دينية أو جهادا بين الإسلام والمسيحية. لقد أفاض المحضر في الحديث عن الجالية اليهودية بالخصوص وأعطاها اهتماما دون السكان الآخرين، ربما لأنها كانت من السكان الذين وجدهم الاحتلال الفرنسي في الجزائر مثلهم مثل (الأندجين) الآخرين، وعاملهم كما عامل بقية (الأهالي)، ثم فرض عليهم الجنسية الفرنسية منذ ١٨٧٠ دون استشارتهم، وأكد المحضر على أن النزاع - العربي - اليهودي (كذا) في المشرق لم يكن له أصداء خطيرة في الجزائر كما هو الحال في المشرق، ولو كان له تلك الأصداء لاغتبط له أعداء الشعب الجزائري، فلم يكن المؤتمرون يدركون، ربما