ومنتقدا، ولكن وثائق المؤتمر المعلنة لا تشير إلى أية إيديولوجية خاصة بالثورة كما لا تشير إلى الانتماء العربي الإسلامي أو الارتباط بالتراث أو مرجعية التاريخ الجزائري. دعنا نتتع هذه الأمور بشيء من التفصيل، لأول مرة تتردد في محضر المؤتمر عبارة (المغرب العربي)، وبالضبط عند ذكر تونس ومراكش وعند ذكر (الأقطار الثلاثة) ووحدة كفاحها، مع العلم أن كلا من تونس ومراكش قد حصلتا على الاستقلال قبل المؤتمر بأقل من خمسة أشهر، وكانت العبارة تتردد في البلدين ولا سيما على لسان الرئيس التونسي الذي كان ربما يغضل استعمال عبارة (المغرب الكبير) بدلا منها، ومما جاء في نص الصومام (أن ما يميز الوضعية السياسية للمغرب العربي هو أن المشكل الجزائري مندمج ومتداخل في مشكلتي المغرب وتونس بحيث لا تمثل في مجموعها إلا مشكلة واحدة)، ولم يشر المحضر إلى أن من بين أهداف (المشكلة) في الجزائر تحقيق هدف ثقافي أو استرجاع هوية ثقافية، كما لم ينص على أن من شروط وقف القتال شرط ثقافي وإنما التأكيد على التخلص من الجزائر الفرنسية و (الاعتراف بالأمة الجزائرية التي لا تتجزأ)، وهناك حديث طويل في المحضر عن الأقلية الفرنسية، والتركيز على اليهود الفرنسيين ومحاولة جلبهم إلى الصف المساند للثورة وفصلهم عن بقية الفرنسيين لأنهم في الأصل (جزائريون).
كذلك يوجد تركيز مقصود (نظرا للظرف الخاص عندئذ) على (فيدرالية إفريقيا الشمالية)، التي تؤلف في نظر المؤتمرين كلا واحدا (نظرا للجفرافية والتاريخ واللغة والحضارة والمصير)، وهذه الفيدرالية ستتولى (إقامة تعليم وتبادل في الإطارات الفنية وتحقيق التبادل الثقافي).
فيما يتعلق بإضراب الطلبة عن الدراسة الذي كان قريب العهد رحب المؤتمر بالمثقفين الشباب واعتبر انضمامهم إلى الثورة وإلى الوطنية الجزائرية فشلا لسياسة (الفرنسة) التي حاولت خنق الوعي الوطني لدى الشباب المثقف.