للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتية التي نشأت في الجهاد وآمنت بمستقبل العروبة الخالد، كما آمنت باستقلال الشعوب وبالسلام العالمي)، وكل هذه عبارات سياسية ودبلوماسية لا شأن للغة المشتركة فيها ولا خيار الجزائر الثقافي وسط المد الثوري الذي تصنعه حركات التحرير في العالم. وعند أول اجتماع للحكومة المؤقتة (٢٠/ ٠٩/ ١٩٥٨) طالب أحمد توفيق المدني بوقف إضراب الطلبة عن الدروس في جامعة الجزائر لأن الجبهة هي التي أمرت به وأن الاتحاد صادق عليه، وأن الجبهة هي التي أمرت الطلبة بالالتحاق بجيش التحرير، وبعد المناقشة وافقت الحكومة على دعوة طلبة جامعة الجزائر لاستئناف دراستهم (١) وربما يعتبر ذلك من أهم قرارات الحكومة المؤقتة بشأن مظهر من مظاهر الثقافة وهو التعليم (٢).

أعلنت الحكومة المؤقتة في أول تصريح بعض توجهاتها الفكرية وتحدثت عن الروابط الحضارية بين الجزائر والشعوب العربية، كان التصريح واضحا هذه المرة في أنه يؤسس لعلاقات جديدة ويذكر بعلاقات قديمة، فمن حيث البناء الإيديولوجي قال التصريح إن الشعب الجزائري يريد إقامة جمهورية ديموقراطية واجتماعية تأسيسا على ما جاء في بيان أول نوفمبر، وعن شعوب تونس والمغرب والجزائر قال إن لها مصيرا مشتركا عبر العصور وإن الجزائر جزء لا يتجزأ من المغرب العربي ... وهي تتقاسم مع شعوبه (التراث الرائع للحضارة العربية الإسلامية).

. وأضاف التصريح أن الشعب الجزائري (المتعلق بحضارته ينتمي إلى الوطن العربي، فهذا الوطن واحد ومن الخطأ السياسي محاولة تقسيمه،) وأضاف أن التضامن العربي ليس كلمة جوفاء، ونوه بفضل الشعوب الشقيقة وحكوماتها وما قامت به نحو الشعب الجزائري حتى أصبح


(١) بعد أن كان طلبة الثانويات والجامعات الفرنسية الأخرى قد استأنفوها في أكتوبر ١٩٥٧ بأمر من لجنة التنسيق والتنفيذ.
(٢) أحمد توفيق المدني، حياة كفاح، ج ٣، الجزائر، ٤٠٣، ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>