هي الحزب السياسي الوحيد الذي بيده السلطة في الجزائر.
قبل الاجتماع ببضعة أشهر كانت الحكومة المؤقتة قد عهدت إلى لجنة من المثقفين الخبراء بوضع برنامج يقدم إلى مجلس الثورة عند اجتماعه المتوقع في طرابلس، كانت هذه اللجنة تتألف في أغلبها من عناصر معروفة باتجاهها الاشتراكي الماركسي والعلماني المفتوح ولكنها عناصر مناضلة ساهمت في الثورة في المجالات المحددة لها من الإعلام إلى الديبلوماسية إلى الاتصالات ... والأعضاء هم: مصطفى الأشرف ومحمد حربي ومحمد الصديق بن يحيى ورضا مالك، كان الأشرف كاتبا اجتماعيا ومؤرخا للحركة الوطنية وكان من المخطوفين في الطائرة المغربية مع بعض قادة الثورة سنة ١٩٥٦، وسبق لحربي أن عمل في جهاز الحكومة المؤقة بالقاهرة، وشارك محمد بن يحيى في نفس الجهاز وفي المفاوضات مع الفرنسيين آخرها كانت إيفيان، وكان رضا مالك مسؤولا على جريدة المجاهد بنسختيها العربية والفرنسية في تونس، أما الميلي فكان من مدرسة جمعية العلماء، وكان عندئذ مسؤولا على تحرير الطبعة العربية من المجاهد، وجميعهم تقريبا مارسوا الديبلوماسية قبل اجتماعهم في اللجنة، ومن تشكيلة اللجنة نتوقع ماذا سيصدر عنها من أفكار بشأن تفسيرها للثقافة الجزائرية ورصد مستقبلها.
وبعد عدة أسابيع خرجت اللجنة بمسودة الوثيقة التي أصبحت تسمى (بعد الموافقة عليها من المجلس) ببرنامج طرابلس، وتكاد المصادر تجمع على أن البرنامج لم يكن محل نقاش في المجلس بل تمت الموافقة عليه بسرعة وبالإجماع، أما النقطة التي أثارت الجدل والخلافات الحادة بل والانشقاق فهي تشكيل المكتب السياسي، فهذه المسألة هي التي فجرت الاجتماع وأفاضت الكأس لأن الرفقاء انفضوا دون اتفاق نهائي مما جعلهم يدخلون الجزائر مشتتين لا موحدين، وهكذا بقي البرنامج موحدا والقيادة ممزقة، وهذا فصل من تاريخ الجزائر لا يعنينا هنا.
إنما الذي يعنينا هو المحتوى الثقافي للبرنامج وسرعة الموافقة عليه: هل