للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمار في ظرف قرن من الزمن، وأذكر أن فرحات عباس نفسه قد حثنا على طلب العلم ونحن طلاب في القاهرة قائلا إن الجزائر المستقلة ستكون في حاجة إليكم لتعليم اللغة العربية (١).

ومع ذلك فهناك من عمم وتحدث عن أن قادة الثورة كانوا لا يرتاحون للمثقفين وبالأخص الطلبة، ولا يحبذون التعامل معهم، وكانوا يخشون منهم على أنفسهم وعلى الثورة، فقد كان الإعلام الفرنسي يتحدث عن هذه الظاهرة ربما لتوسيع الهوة بين الطلبة وقادة الثورة سيما بعد ما شن الطلبة الإضراب وقاطعوا الدراسة، وهناك رواية تتحدث عن أن عجول من الولاية الأولى حكم على شابين في الثورة بالإعدام لأنه سمع أن لهما علاقة صداقة مع تلميذتين زميلتين لهما في الدراسة، ولكن الجندي الذي كلف بالشابين أطلق سراحهما بعد أن عرف منهما القصة وتأكد من الخطاب الذي كان يحمله بشأنهما إلى عباس لغرور، فما كان من عباس لغرور إلا أن مزق الرسالة وعفا عن الشابين (٢).

وعندما كنا في القاهرة كانت هذه المفاهيم والأخبار منتشرة بين الطلبة، ولا سيما بعد أن تأكدت باختفاء بعض الطلبة المتطوعين إثر وصولهم إلى تونس، فقد شاعت هذه المفاهيم حتى أصبح من يستدعى إلى تونس يتوقع أنه لن يعود منها، أو لن يبقى على قيد الحياة، وقد تكون التصفيات الجدية التي وقعت نتيجة لتصرفات أخرى، ولكن الوقائع أثبتت أن بعض الطلبة المتطوعين والمتحمسين للثورة قد اختفوا منذ وصولهم إلى تونس أو منذ عبورهم الحدود إلى الجزائر، وأذكر أن من بين هؤلاء محمد زعروري وعبد


(١) انظر كتابنا مسار قلم - يوميات - جزءان في مجلد واحد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ٢٠٠٥.
(٢) مذكرات الرائد عثمان سعدي بن الحاج، دار الأمة، الجزائر، ٢٠٠٠، ص ٨١ - ٨٢، انظر أيضا كتاب جي بيرفييه، الطلبة الجزائريون في الجامعات الفرنسية: ١٨٨٠ - ١٩٦٢، باريس، ١٩٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>