للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختار حياة النضال من أجل الإنسان وتحرير الأرض، ورفض الزيف والعنصرية، على حد تعبير جريدة جبهة التحرير.

خدم فانون الثورة الجزائرية بقلمه وبلسانه وبعلمه الواسع، وكان يقيم ويعالج في مدينة البليدة حيث كان مديرا لمستشفى الأمراض العقلية، كما عمل مع مناضلي جبهة التحرير في مداواة الجرحى وحملة السلاح، آوى قادة الجبهة عند تنقلهم، وعمل محررا في جريدة (المقاومة الجزائرية) التي سبقت المجاهد، كما رأس بعثة الحكومة المؤقتة في أكرا عاصمة غانا، ومن أعظم الأعمال التي قدمها فانون للثورة الجزائرية هو التعريف بها في الأوساط الفكرية العالمية، فقد وهبه الله قلما ميالا وفكرا متحررا فقدم خدمة جليلة للثورة في ميدان الإعلام والفكر، وقد أصبح كتابه (السنة الخامسة للثورة الجزائرية) مرجعا لحركات التحرير في العالم، وأما كتابه الثاني (معذبو الأرض) فهو وإن لم يصل إلى درجة الأول في الأهمية إلا أنه كان الكتاب الذي حمل أيديولوجية فانون التي أصبحت ملتصقة باسمه كمثور للشعوب المستعمرة ومزلزل للأرض تحت أقدام المستعمرين (١).

اهتمت بكتاب (السنة الخامسة للثورة الجزائرية) دوائر المثقفين وترجم إلى عدة لغات، وكان المرجع للمثقفين اليساريين في العالم ولقادة حركات التحرير الذين انبهروا بأفكار فانون فيه، ومن الجدير بالذكر هنا أننا عندما كنا طلابا في أمريكا خلال الستينات كنا نقرأ في المجلات ونسمع في الندوات الفكرية والطلابية الإشادة بكتاب فانون والاستشهاد بنصوص منه حول ثورة الجزائر التي كانت النموذج لثورات العالم الثالث، وقد تبنته النخبة الإفريقية بالخصوص سواء كانت تعيش في إفريقيا أو كانت متحدرة من أصول إفريقية، وقد عرف الناس عن الثورة الجزائرية من خلال كتابات فانون عنها أكثر ربما من


(١) المجاهد، ١١٠، ١١ ديسمبر ١٩٦١، أثناء حياة فانون ظهر كتابه الأول ط، ماسبيرو، باريس، ١٩٥٩، وسنعود إلى كتابيه في الفصل الخاص بالكتب والكتابات.

<<  <  ج: ص:  >  >>