ويرسلها إلى الثوار، وكان يداوي المرضى ليلا في الجبال المجاورة، وخلال النهار كان يقوم بعلاج مرضاه العاديين في عيادته، وكذلك جرحى الثوار، جرى اتصال بينه وبين هواري بومدين عندما كان هذا مسؤولا على الولاية الخامسة، واتفقا على شراء آلة نسخ (رونيو) بتكليف من جبهة التحرير من أجل طباعة الإعلانات والبلاغات، وكان شراء هذه الآلة ممنوعا إلا برخصة خاصة من الشرطة.
وقدم ابن زرجب وصلا مزيفا بالثمن إلى البائع بوهران ورجعا (هو وبومدين) إلى تلمسان، وافترقا في الرمشي التي تبعد حوالي ٢٥ ك، م شمال تلمسان، كان ذلك يوم ١٣ يناير ١٩٥٦، ومنذ ذلك الحين اختفت أخباره، فقد قبض عليه بعد أن وشى به البائع الفرنسي، ثم أطلق سراحه لمعرفة الجهة التي يتعامل معها، وكان تحت الرقابة المشددة، ورافقه ضابطان إلى عيادته، وقد زاره أحد المناضلين (وهو قويدر دالي يوسف) في عيادته وأخبره بالموضوع واستحالة الهروب، لقد أخضعوه للتعذيب فأقر بأن الآلة موجودة في سبدو فنقلوه على متن سيارة (جيب)، وعندما وصلوا إلى دوار ولد حليمة الذي يبعد ٤ ك، م من سبدو، حاول الهرب فأطلقت عليه الشرطة النار في ١٧ يناير ١٩٥٦، وعندما شاع خبر اغتياله ضج الناس في تلمسان وخرجوا في جنازته بالآلاف (١٢ ألف حسب التقرير)، فكان لحادث اغتياله رد فعل شعبي منقطع النظير، فأفاد الثورة شهيدا كما أفادها طبيبا (١).
أما ولد عودية (واسمه مقران أومقران) فقد تلقى تهديدا بالقتل لأنه كان يحامي على أعضاء جبهة التحرير في فرنسا، وبعد تسعة أيام من اتصاله بالتهديد جرى اغتياله فعلا في باريس في ١٣ مايو ١٩٥٩، وقد اتهمت المجاهد منظمة فرنسية إرهابية بقتله لأن القاتل ينتمي إليها، وهذه المنظمة مستعدة في رأيها لاغتيال كل من يحامي على أعضاء الجبهة سواء كانوا جزائريين أو فرنسيين.
(١) أنظر مجلة الراصد، العدد الأول، يناير - فبراير، ٢٠٠٢، ص ٣٣.