للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثقفين مما جعل (البصائر) تقدم العزاء فيه وتنشر الخبر باهتمام كبير وتعلق عليه وتشارك أهالي تلمسان حزنهم عليه، وتشيد بموقفه الوطني، وقد روت ذلك بلهجة متأثرة ومؤثرة فقالت: اغتيل ابن زرجب قريبا من قرية سبدو، حسبما جاء في جريدة (لوموند)، وكان يداوي جرحى الثوار ويمدهم بالأدوية والضمادات، وكان قد اشترى آلة نسخ، ورفضت الرواية الرسمية التي تقول إنه قتل لأنه حاول الفرار واعتبرت ذلك حديث خرافة (١).

وفي العدد الموالي رجعت البصائر إلى الموضوع ففندت نفس الرواية الرسمية وقالت إنه رجل ضعيف الجسم وضعيف النظر ولا يكاد يرى الأوراق من وراء نظاراته السميكة، ولا يسير في الطريق إلا بمشقة لإصابته في حادث سيارة في عهد قريب، فكيف يفلت من قبضة ثلاثة من الدرك ويفر حتى يقتلونه؟ (٢).

وبعد فترة أصبحنا نملك معلومات وافية عن الطبيب ابن زرجب لم تكن متوفرة عند اغتياله، فهو من مواليد تلمسان في ٩ فبراير سنة ١٩٢١، ومن عائلة غنية، وكان والده يتاجر في السجائر، وتحصل الابن على الثانوية العامة (الباكلوريا)، وعلى شهادة عليا في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، ثم التحق بجامعة الجزائر، ثم بجامعة مونبلييه لدراسة الطب، بدأ نشاطه السياسي الوطني في باريس، عندما أصبح كاتبا عاما لجمعية الطلبة المسلمين بشمال إفريقيا التي كان مقرها ١٥ شارع سان ميشال، سنة ١٩٤٢ - ١٩٤٣، كما ناضل في اللجنة الفلسطينية العربية، وفي سنة ١٩٤٥ رجع إلى الجزائر ولكنه لم يلبث أن عاد إلى فرنسا سنة ١٩٤٨ ليواصل نشاطه الدراسي والسياسي، وقد حصل في نفس السنة على الدكتوراه في الطب في تخصص سرطان الدم، وفتح عيادته في تلمسان.

وبعد اندلاع الثورة انخرط في جبهة التحرير الوطني، فكان يجمع الأدوية


(١) البصائر ٣٥١، ٢٧ يناير، ١٩٥٦.
(٢) البصائر، ٣٥٢، ٣ فبراير، ١٩٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>