للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زاويته كانت ملجأ للمجاهدين وغزاة البحر، وأنه حين توفي الشيخ سقطت المدينة في أيدي العدو، وفر منها الأمير الحفصي (١). ومن الحكايات التي تروى عن احتلال وهران أن الشيخ محمد الهواري قد نقم على أهلها فرفع حمايته عنها ودعا عليها بالسقوط في أيدي الكفار، فكان الحال كذلك. والمؤكد أن بعض المرابطين والعلماء كانوا غير راضين عن تطور الأوضاع في تلمسان أواخر القرن التاسع وبداية العاشر فانضم (المعارضون) منهم إلى العثمانيين أمثال أحمد بن يوسف الملياني وابن آفغول ومحمد بن شعاعه. بينما توجه آخرون منهم إلى المغرب، ومنهم من ظل ناقما وهو في مكانه مثل الحاج محمد المناوي (٢). فالأرضية السياسية إذن كانت ممهدة لظهور المرابطين وتوليهم مسؤولية الدفاع عن الإسلام بأنفسهم والتحالف مع قوى إسلامية جديدة.

وكان لتعاليم أبي الحسن الشاذلي أثر كبير في الجزائر، ونكاد نجزم بأن معظم الطرق الصوفية التي ظهرت بعد القرن الثامن الهجري (١٤ م) تتصل بوجه أو بآخر بتعاليم الطريقة الشاذلية. وقد أحصى بعضهم عدد الطرق الصوفية في المغرب العربي أواخر القرن الثالث عشر (١٩ م) فوجد ثلاث عشرة طريقة (من مجمع ست عشرة) وكلها شاذلية الأصل. وكان أبو الحسن الشاذلي قد تأثر بتعاليم عبد السلام بن مشيش، تلميذ أبي مدين. ورغم ذهاب الشاذلي إلى مصر ووفاته بها فإن تعاليمه قد انتشرت بعده في المغرب العربي انتشارا كبيرا. ويمكننا أن نعد الشيخ واضح ومحمد الهواري وإبراهيم التازي


(١) انظر (الكتاب البحري) كما ترجم منه مانتران في (مجلة الغرب الإسلامي) ١٥ - ١٦، ١٩٧٣، ١٥٩. ونفس الكتاب قد ترجم منه بالإنكليزية ما يتعلق بالجزائر وتونس السيد سوشيك في مجلة (الأرشيف العثماني)، ١٩٧٣، (١٩٧٦). والظاهر أن محمد التواتي المذكور هو الذي حرض أهل وهران أيضا على محاربة الإسبان والاستعانة عليهم بأهل الأندلس في خبرتهم في الحرب. انظر قصيدته في ذلك في دراستنا لكتاب (كعبة الطائفين في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر).
(٢) ابن مريم (البستان)، ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>