للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان البطل (جمال) مستلقيا على فراشه في دار كبيرة وهو يحلم ويصف السكان كما يظهرون له، وهو يريد أن يتحرر، وأن يفارق هذا النمط من الحياة، وفي مساء يوم حار من شهر أغسطس خرج وشعر بالتحرر وبأنه إنسان، لكن أين ذهب؟ يفهم من الموقف أنه انضم للثورة، ولكن القصة لا تخبرنا بذلك، لقد كان عمر البطل ٢٨ سنة، والملاحظ أن جريدة (المجاهد) لم تقدم للقصة بأية مقدمة تساعد على فهمها وتشير إلى محتواها ورموزها وهدفها (١).

وهناك قصة (مصرع خائن) التي قدمتها المجاهد أيضا لقرائها بمقدمة جاء فيها: هذا هو القسم الثاني والأخير من الفصل الذي عربناه من قصة (صيف إفريقي) التي صدرت بالفرنسية للكاتب الجزائري محمد ديب، وهي قصة تصور كيف فقد باساحلي ابنه وأخذ الفرنسيون آخرين لإعدامهم بسبب (وشاية أو بيع) العياشي لهم، لذلك قتل باساحلي العياشي بمساعدة ابنه (عابد)، ثم رجع إلى مكانه، لقد قتله بفأس في رحبة خاصة بدرس القمح (٢).

تناول إذن عدد من الكتاب، العرب والأجانب، حياة محمد أديب وأدبه، وأعجبوا به، ومنهم من انتقده، ورأى فيه آخرون الأديب المتفائل المحب للإنسانية والفقراء، ورأى فيه آخرون الأديب المتشائم الهارب من الحياة. وسنعرض هنا لرأيين آخرين في الموضوع، رأي لويس عوض ورأي أحد الصحفيين الفرنسيين، وسنحاول أن نخرج بصورة واضحة عنه باعتباره أحد رموز هذا الأدب الجزائري المكتوب بلغة المستعمر.

حاول لويس عوض أن يدرس حياة محمد ديب من خلال أعماله لأنه كما قال لم يجد له ترجمة وافية، وكانت أعمال ديب عندئذ خمسة: البيت الكبير والحريق، والمنسج، ومن ذا يذكر البحر وصيف إفريقي، والبيت الكبير هو أشهرها ويأتي بعده في الشهرة: من ذا يذكر البحر؟، أما الأعمال الأخرى


(١) المجاهد ٧٧، ١٩ سبتمبر ١٩٦٠.
(٢) المجاهد ٧١، ٢٧ يونيو ١٩٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>